الأخلاقيات الفردية لا تقاس بها الدول، أنت لا ينبغي أن تتجسس على جارك، لكن الدول؟ لو لم تفعل هذا لسقط الأمن فيها، أنت لا ينبغي أن تحمل جوازًا مزوّرا لكن الدول أجهزتها في الخارج تعمل بهذه الصورة.

كم من النقاش في القضايا الاستراتيجية الكبرى يدور في فلك البحث في الفلسفة الأخلاقية للأفراد، الأمر شبيه بذاك النبيل الذي هزم بالمعركة، وأصر أتباعه على أنه انتصر أخلاقيًا، في حين كانت النتيجة التي تتكلم بها لغة السياسة: سقطت بلده!

التركيز على التناقضات الأخلاقية والتقييم الأخلاقي للأفعال، لا يعدو في كثير من الأحيان سوى جرعات نرجسية للأفراد والأمم التي ترددها، ممن قد لا يكون لهم أدنى وزن على الساحة السياسية، بل بعضهم يقطع الوعود أنه لو كان مكان الدولة الفلانية لم يفعل هذا أخلاقيًا، أو فعل ذاك، ما الضمان: كلمة الأخ في مقال!

هناك قضايا تكبر هذه النقاشات الأخلاقية الفردية، وتضحي مكانها كلمات مثل: الأخلاق جاءت لتحسين الحياة، وفي الصراع الوجودي للدول، لا معنى كبير للتحسينات المذكورة! وبالتالي سباق التسلح هل يلتفت لصراخ فتاة تتحدث بخوف عن الملوثات على غلافنا الجوي، وأنه لا يجوز أخلاقيًا؟ الحديث عن لغة الحوار مثلًا: مجرد وعظ أخلاقي في موضع يجري فيه الحديث عن: أمن قومي، تأمين حدود، على سبيل المثال.

مع فارق الزمان والمكان لم يكن على سبيل المثال صلح الحديبية الاستراتيجي للمسلمين في المدينة، ليلغى لنقاش أخلاقي حول بند تسليم مسلم لقريش قد يفتن عن دينه، الإشكال أن يتم قراءة السياسات بهذا المنظور الأخلاقي، وتلك عقلية تبقى وستبقى خارج العقلية السياسية!