“في صيف عام ١٩٤٢ زحفت القوات المسلحة الألمانية إلى القوقاز السوڤيتي”[١] وقد “شدد تيودرو أوبرلندر الذي كان أحد مشاهير خبراء أوروبا الشرقية وضابط الاستخبارات العسكرية وقائدًا من قادة الجبهة الشرقية، على أن القوات الألمانية سنجد مسلمين مخلصين كثرًا في القوقاز” [٢] وعندما دلف الجنود الألمان إلى ممرات الجبال القوقازية، أصدر (لِيست) أمرًا بمعاملة السكان بوصفهم حلفاء، والتسامح مع معتقداتهم وتقاليدهم الدينية" [٢]
“وفورًا فتحت المساجد مرة أخرى وبدت للعيان علامات تغيير الحكم، وصدر أمر بأنه حتى دور العبادة التي أغلقها السوڤييت واستخدموها لأغراض دنيوية يجب ألا يحتلها الألمان وأن يعاد فتحها للسكان من جديد” [٣]
لقد “خضع إحياء الإسلام غالبًا لتنظيم حريص من جانب ضباط القوات المسلحة” [٣] و"ازدرى أحد الكتيبات [الدعائية الألمانية] (الخسة البلشفية) التي قمعت (الحرية والإيمان)… واعتمد كتيب آخر على فكرة الأمة الإسلامية الأوسع من القوقاز قائلًا: إن مسلمي القرم، الذين يصلون أحرارًا في مساجدهم بعد ربع قرن يقاتل عشرات الآلاف منهم، مُرتدين الزي الألماني ضد البلاشفة" [٤]
“وفي المجمل غدا استرجاع الأعياد والاحتفالات الدينية الامتياز الأهم، نظرًا لأن احتلال الألمان للجبال القوقازية ترافق مع عيدين كبيرين؛ عيد الفطر، في أكتوبر، ثم عيد الأضحى بعد سبعين يومًا” [٥]، و"لم تظهر الزّينة العلنية صورًا رمزية إسلامية فحسب، بل صور رموز نازية كذلك" [٦]
لاحقًا بعد هزيمة الألمان “أجلى ستالين من عدّهم خونة من المسلمين، مع جرمان الڤولغا المسيحيين والقلميق البوذيين، ففي ١٧، ١٨ من مايو ١٩٤٤، هجّر التتر القرم المسلمون جميعًا كَرهًا إلى آسيا الوسطى وكازاخستان، وبعد الغزو السوڤيتي للقرم في إبريل أنزل رجال المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية عقوبة الإعدام بالعديد ممن أدينوا بالخيانة من مسلمي القرم.
وصفت الشوارع في الأحياء الإسلامية في سيمفروپل بالجثث المعلقة على أعمدة الهواتف والأشجار، وفي القوقاز اتهمت السلطات السوڤيتية القراتشيين والبلقار والشيشان والإنغوش بالخيانة العظمى، ففي حالة البلقار عُد الاحتفال بعيد الأضحى دليلًا على تهمة الخيانة” [٧]
——— [١] في سبيل الله والفوهرر؛ النازيون والإسلام في الحرب العالمية الثانية، ديڤيد معتدل، ترجمة: محمد صلاح علي، مدارات للأبحاث والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى: ٢٠٢١هـ، ص١٩٦. [٢] المصدر نفسه، ص١٩٧. [٣] المصدر نفسه، ص١٩٨. [٤] المصدر نفسه، ص١٩٩. [٥] المصدر نفسه، ص٢٠٠. [٦] المصدر نفسه، ص٢٠١. [٧] المصدر نفسه، ص٢٤٠.