هل أنت مستعد؟
إنه لأسهل للطفل البقاء في حضن أمه، على السير والتعثر والسقوط، والألم، لكنه دون ذلك لم يكن له أن يمشي يومًا، هناك مجموع ضخم، هائل من الدعاية التي قدّمت للناس على أنها حقائق، وفيها ترتسم صورة الأم، وفي حضنها يقبع ذلك الذي يفضل البقاء في أمان، معافى في يقينه، ومسلَّماته، على المضي متعثرًا بدليل يخالفه، أو نموذج مختلف في تفسير الأحداث.
في ركام الدعاية لم تكن الأم معصومة، بل فيها من النقائص ما يماثل غيرها من البشر، لكن كم من شخص يقول هذه الحقيقة الواضحة بدل القول بأن أمه فاقت العالمين؟!
هذا ما واجهته في تاريخ علم الكلام، كان الذين أقرأ لهم يفضلون الأمان، لكن كان يجب حتمًا التحرك وفق الأدلة، لا الدعاية، الأمر الذي يوصلك أحيانًا إلى حافة هوة سحيقة، يتحتم عليك حينها القفز لتصل إلى الجانب الآخر.
وأنت ترى من حولك يرجعون إلى أمهاتهم، راضين به بتلك الابتسامات والأحضان التي تعوِّض عليهم حسرة الجبن عن القفز، رضيت عنهم طوائفهم، ورفعتهم، بحجة أنهم مؤدبون، باحثون، مخلصون لذلك الحضن الذي تربوا فيه، في هذا الحال، تجد نفسك وحيدًا، والوقت يمضي، وقدماك على الحافة، هل ترجع، أم أنت مستعد للقفز، وليكن ما يكون!
عند هذه النقطة، تعرف أي مغامرة تقدم عليها، وأي شجاعة يتطلبها الأمر، لا رجوع هذا الصوت لا تفرضه عليك الشكليات البحثية الأكاديمية، بل تحتاج شيئًا زائدًا لا يجعلك تقنع بالتربيت على الأكتاف.