الليبرالية الصوفية!

الليبرالية فلسفة سياسية جاءت لمعارضة الحكم المتفرّد في المقام الأول وسلطة الكنيسة، لتشكل ثقافة للرأسمالية، تتقبل التعددية، وتصوغ طريقة للتعامل الاجتماعي في ظل نظام جديد، لكن الليبرالية هنا لها شكل آخر!

قديمًا كانت السلطة تقرّب المتصوفة، تقول للصوفي افعل ما تشاء، لكن: [[داخل نفسك]]، صرّح الجيلاني مرة: “التوبة قلب دولة” ففي نفس الصوفي تحصل ثورات، وانقلابات، وثورة مضادة، وينعقد فيها مجلس الأمن، وتتحول الحرب الباردة إلى ساخنة، دون أن يلحظ ذلك أحد، ويترنم الصوفي:

وتحسب أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر

قبل أيام كان هناك درس عن التعددية، تحدث فيه الرئيس المصري عن احترامه لمن لا يعتقد بالأديان، لأنه يحترم الإرادة الحرة، وبسرعة أطل الأزهري أحمد كريمة ليقول بأن الإسلام يؤمن بالتعددية فالجنة ليست حكرًا على المسلمين، ولا يتوقع أن يتوقف مسلسل إضفاء الصبغة الدينية على كلمات الرئيس أن يتوقف.

نحن هنا أمام دمج بين التصوف والليبرالية، ليتم تحويل الليبرالية من معارضة للحكم المطلق، إلى طريقة صوفية، فالليبرالية كما يفهمها سكّان الكوكب: تتحدث عن تعدد الأحزاب، والتداول السلمي للسلطة، وحصانة الرأي السياسي، وحرية الصحافة، والتجمعات، وقائمة طويلة ليست مهمة أبدًا في نظر أمثال الشيخ كريمة.

فالمهم أن يجري تحويلها إلى طريقة دروشة، وتصبح التعددية: في الجنة يوم القيامة! كما كان الحديث عن الاشتراكية يومًا ما، فمن يموت جوعًا سينتقل إلى العالم الآخر وهناك سيجد كل ما يريد، والعرض سارٍ إلى يوم القيامة!

إن النقاشات التي سيفتحها أمثال الأزهري كريمة، يتوقع أن تجد آذانًا صاغية من بعض البلهاء الذين يظنون أنفسهم ليبراليين! من مراهقي صفحات مكايدة الأديان، ونحو ذلك، فضلًا عن بعض النسويات: أنا صاحبة حرية إرادة، وسأمارس الإلحاد والشكر للرئيس الذي منح لنا سقفًا عاليًا من الليبرالية “بيننا وبين أنفسنا”، وتتحول النقاشات جميعًا من السياسة والمجتمع إلى: “بينك وبين نفسك”

مودتي