في الحفاظ على الأرستقراطية

في مجتمع تراتبي، من كان في الطبقة العليا نجا، ومن هو تحتها، في المتوقع أنه لن ينجو، إن حصل فتلك معجزة! يحتاج المرء إلى كمية هائلة من الواسطات التي إن نجحت فإنها تبقيه على حافة قاع الطبقات العليا.

من هم فوق لا يسمعونه، ولا يراهم، هم غيب بالنسبة إليه، إنهم عالم مكتف داخليًا لا يحبذ وجود الغرباء، في مجتمع كهذا يبحث المسحوقون عن سبب واحد للحياة، وإلا فللموت مسوغاته التي يرونها ويسمعونها كل يوم في كل شارع وزاوية، وحينما تنقطع كل الأسباب والفرص، حين ييأس المرء من البشر، حينما يجلس وحيدًا مع نفسه، يلهج قلبه قبل لسانه بمناجاة الخالق الذي أوجد كل شيء ويدعوه!

هنا يدق ناقوس الخطر، استنفار تام في الهرم الأرستقراطي، أين رجال الدين أولئك الذين ندفع لهم لوقف أي تمرد، وهنا بدايته! هنا يتذكرون ذلك الذي لم يعبأوا به يومًا، ذلك الذي لا يمثل أكثر مجرد رقم في شعب يدير طاحونة ريع الإقطاع.

هنا سمعوا صوته، إنه يتوجه إلى الخالق مباشرة! من يظن نفسه؟ ما هذا الطموح الذي يلف قلبه؟ لم يبق إلا أن يستسهل الحديث عن السادة؛ رجلًا لرجل! تبدأ المسألة دومًا باعتقاد رجل بأسمال بالية أنه يكلم الرب! إنها فوضى، إنه تجاوز كامل للمجتمع، للدولة، لرجال الدين، لقواعد الأدب، عامي لا يقدر على أن يخاطب نبيلًا في بلده، يكلم الرب مباشرة!

هنا لا بد من تدخل في أشد خصوصية في الكون، رجل يناجي ربه، ليخبروه أن هذه العشوائية خطيرة: لا بد من أوراد سنها له شيخ معتمد، من عدد معين من الأذكار، من اعتقاده ولاية مجموعة من البشر، وأن يراعي في دعائه السلّم الوظيفي في مراتب الولاية!

لن تنتهي الأرستقراطية بموت هؤلاء! لا بد أن يتجه إليهم بعد موتهم، إلى قبورهم، فقد تحوّل النبلاء من قديم من الهرم الدنيوي في حياتهم إلى الهرم الروحاني بعد موتهم، لن تفلت من قواعد اللعبة أيها الوضيع! تعرف كم كلفتنا تلك النقوش والرسوم على حائط ضريح الولي الذي صنعناه لك، أنت مجرد رقم في القاع، وينبغي لك أن تقتنع دينيًا بهذا، حتى لا يحدث فصام بين النظرية والتطبيق، حتى لا تبدأ بالنقد، بالطموح!