“حُكي أن القدرية والمعتزلة غلبا على بلدة بخارى في آخر أيام آل سامان، وكان الوزير يميل إليهم، وكان أهل السنة والجماعة مقهورين في أيديهم، وكان لذلك الأمير معلّم سنّي، فقال يومًا للأمير: هؤلاء الذين يعدون أنفسهم من القدرية يعتقدون أنك لست بأمير ولا سلطان، وأولئك من أهل السنة والجماعة يعتقدون أنك سلطان.
فقال: كيف هو؟ فقال: أعلمك غدًا إن شاء الله تعالى، فدعا أئمة أهل السنة والجماعة، وأقعدهم في دار الخلافة والأمير وراء الستر، فقال لهم: إذا الأمير زنى وجار وشرب الخمر واتبع الغلمان مع اعتقاده أنه حرام، هل ينعزل؟ قالوا: لا، وعليه أن يتوب من هذه المعاصي، ثم أذن لهم بالخروج.
ثم دعا بأئمة القدرية والمعتزلة بأجمعهم، فقال: إن واحدًا من الأمراء أخذ الأموال ظلمًا وزنى وشرب الخمر واتبع الغلمان غيرَ مستحل لها، هل ينعزل؟ قالوا بأجمعهم: إنه ينعزل، وشددوا في هذا الباب، فأمر بخروجهم.
ثم قال للأمير: سمعتَ ما قالوا؟ قال: نعم، فقال له: فقد رأوك معزولًا وأخرجوك من الإمارة، فإنك تفعل بعض هذه القبائح، فأمر بأخذهم، وقهرهم، واستأصل شأفتهم، حتى لم يبق ببخارى عين تطرفُ إلا حنفيًا، وخلع على كل واحد من أئمة أهل السنة والجماعة بخلعة فاخرة”!
(أصول الدين، أبو اليسر محمد البزدوي [٤٩٣هـ] تحقيق: هانز بيتر لنسر، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة، ١٤٢٤هـ-٢٠٠٣م، ص١٩٧.)