الألباني بين طريقتين [٣]
يأتي من يقول لك: لكن قد يستغل مغرضون ضد السنة هذا الكلام، صديقي: أنت في القرن ٢١، في زمن نشرت فيه عشرات الرسائل مجانًا في الرد على الألباني وغيره، لا يزيد نقد مسألة اشتعالًا، ولا صمت يضفي على مسألة خمودًا، بضغطة زر تجد مقالات كثيرة تتعرض له بالكلام، فهون عليك.
إذ قد يورد هذا الكلام على الألباني نفسه، وكم من علماني قال: الإسلام هو كتاب وسنة فحسب، دون مذاهب حتى عيّر هذا القول كما فعل الكوثري بأنه [قنطرة اللا دينية] فما على صاحب قول أن يقال فيه هذا وقد قيل في كل قول تتخيله، قال الخميني في [الوهابية] إن العلمانيين في إيران يستعملون حججها، وقيل مثله في كل ما تعتبر نشره والحديث فيه من المسائل المهمة.
يأتيك آخر ليسألك عن الفائدة المرجوة للأمة بمثل هذا الكلام، مع أن هذه الطريقة مضحكة، فلا أعلم فقيهًا يقول يشترط لجواز شيء أو حتى وجوبه: فائدة الأمة! فإن عدمت الفائدة هذه صار الأمر إلى التحريم أو الكراهة، أنت المطالب بأدلة المنع لا أن غيرك مطالب بأدلة الجواز ليتحدث حتى تشترط فائدة الأمة، لكن بعضهم قد يخيل إليه: أن رجلًا سينشئ فلسفة ويعمل لتطبيقها في منشور، ويضع لها برنامجًا سياسيًا للأمة، ثم يقول للأخ هذا تفضل استلم كرسيك فيه: فقد كتبته لنفع الأمة.
نرجع كذلك إلى هوس الاعتذارات عن الألباني: لا تنكر هذا فقد قال به بعض الحنابلة، عفوًا! هذه الطريقة الاعتذارية تخترعونها من أي شيء؟ فالألباني حين قال ببدعية المولد لعل بعض الحنبلية خالفني فأراعيه؟ حين قال ببدعية السبحة، هل قال لعل ابن تيمية خالفني فأراعي الخلاف؟ حتمًا لا، فعلام تعتذرون عن رجل بغير طريقته؟ لربما لأنكم مهما خاصمتم التصوف بألسنتكم، لكنكم في الواقع لا زلتم، بعقلية: الشيخ والمريد، إنما نقلتم الأمر من اسم التصوف إلى عناوين أخرى فحسب.
وبقيت مسألة أخرى: الألباني: ليس من السلف، بل هو من أهل القرن ٢٠ ميلادية، لأن بعضهم يصور أو يتصور أنه يتكلم عن رجل من السلف، لعل الدعاية التي اختارت التهويل مسؤولة عن هذا التصور بين الشبيبة المحبة له، هو رجل متأخر، قد يوفق في مسألة ينسبها إلى السلف وقد لا يوَفّق في هذا، ومن ناحية أصولية لو اجتمع مشايخ السلفية اليوم، وقالوا بقول فقهي مثلًا، والألباني كان أحد هؤلاء فلا تعتبر هذه المسألة إجماعية، ولا القول فيها قول السلف، تعلمون أن بعض الطلاب كان يعتبر حكم الصور الفوتوغرافية: قول السلف!! مع أنها نازلة محدثة، والخلاف فيها بين متأخرين.