هذه الرسالة ملفتة لسبب أنها تأتي من مرجع شيعي، ليواجه أزمة عملية، حين تصبح الشعارات فيها على المحك، فلا يبقى فيها المرء في إطار التنظير والأشعار، وهي الحرب الأهلية في لبنان حينها.
قرأتها في وقت أكتب فيه عن تاريخ علم الكلام في الإسلام، عن تلك الأيام الخوالي التي كان العديد من الشيعة ينظرون فيها إلى مثل هذه اللغة عن القتال بين علي وغيره من الصحابة على أنه كلام فرق ضالة لا أكثر! ولا يزال هذا مسطورًا مدرَّسًا محتكمًا إليه، وأنه يجب الانحياز إلى خط والاستمرار في قتال مخالفيه ولعنهم فحسب.
لاحظ قوله هنا: “هذه الحرب لا يمكن أن تنتهي بانتصار أحد سوى عدو الجميع” [١]، إنه يصنفها على أنها “ضد الإسلام وضد المسيحيين” [١]
“كنا ننظر باحترام وتقدير إلى موقف القيادات الروحية في لبنان، المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ومقام الإفتاء الإسلامي، ومشيخة عقل الدروز، والبطريركية المسيحية، وجهود جميع المخلصين … وكان يثير دهشتنا عدم استجابة المقاتلين من جميع الأطراف” [٢]
وأنا أقرأها كنت أتساءل حين كتبها الخوئي، ألم يجد تناقضًا بينها وبين طبيعة قراءته وذويه للتاريخ الإسلامي؟ أو على الأقل بما أنه يتحدث عن النتائج التي لا تصب في مصلحة واحد من المقتتلين، هل يحتاج إلى ألف سنة أخرى ليتصور نتائج القتال الأول حين حدثت [الفُرقة الأولى]، وإن كان يستعجل برسالته الاحترام والتقدير لمختلف الطوائف الدينية، حتى غير المسلمة، ألا يرى أن هذه اللغة مناقضة لقراءة قتال حصل بين الطوائف المسلمة ثم تبقى اللغة على اقتصار الاحترام والتقدير لفئة فحسب، وإسقاط كبار الصحابة حتى ممن سبقوا وقائع كالجمل وصفين مثل: أبي بكر وعمر؟
[١] رسالة الخوئي إلى اللبنانيين عام ١٩٧٧م، الطبعة الأولى: ٢٠٢٠، ص٢٣. [٢] رسالة الخوئي، ص٢٣.