حزب الفراغ
تجد العديد من الدعوات المؤثرة، كمرجعيات دينية تمارس السياسة، ولكنها تتنصل من هذا فترفض تصنيف نفسها على أنها سياسية، حتى تتنصل من التبعات، أو لتحافظ على الهالة الدينية في خطاباتها السياسية.
على أي حال، ليس هذا الأمر واردًا مع حزب الشيخوخة، الذي لا يزال يصر على تسمية عناصره بـ “شباب الحزب”، المسمى بـ"حزب التحرير"، وهو اسم متعلق بتحرير فلسطين! فهو يصنف نفسه حزبًا سياسيًا، مع أنه لا علاقة له بالسياسة، جلسة سمر يتحذلقون بأنها جلسة “مناخ” يكررون ما حفظوه كالطلبة النجباء من كلام “إمامهم” وينفض المجلس، ويسعى بعدها كلهم إلى حاجته، وبعدها يقولون هذا هو العمل “للدولة” لا ليس أي دولة! “الخلافة” من الشرق إلى الغرب!
اسمهم مستل من “تحرير فلسطين” وهو حزب غير ملاحق أصلًا في الأراضي المحتلة، لا يوجد أي تهمة في الانتماء إليه، ومع ذلك يصوّرون لأتباعهم أنهم يقومون بعمل خطير جدًا لا أحد يجاريهم فيه، وهو: لا شيء.
ندوات لا تصنف بالثقافية، مجرد إيدلوجية مغلقة على أدبيات محددة سلفًا، يكررونها دون أي تجديد، مع مسرح فكري لإنجازات وخطوات غريبة، مثل الحديث عن أنهم أرسلوا وفدًا إلى الخميني ليعلن الخلافة!! لكنه رفض، وآخر إلى القذافي، وآخر لعلي عبد الله صالح، ولا يخفى عليك باقي القصص التراجيدية بأن زعيمًا قتل العناصر وآخر أحرقهم بالأسيد!
تخيل مثلًا لو أن زعيمًا من هؤلاء أعلن “الخلافة” فرضًا، ماذا كانوا سيفعلون؟ الواقع لا شيء، ثم جاء “البغدادي” وأعلنها! ماذا كان موقفهم؟ معلوم لا يحبذون أي خلافة كانت، يريدون واحدة غنية، لطيفة، لها جواز سفر أقوى من الألماني! وقد قال أحد الظرفاء: “يريدون خليفة، بلحية خفيفة”!
مواقفهم: نطالب الجيوش الإسلامية أن تلبي، أي جيوش تحديدًا؟ الجيش العربي السوري تحت قيادة بشار الأسد؟ أو الحشد المقدس؟ أو مثلًا القوات الكردية؟ لا تعرف بصفتهم من يصدرون أوامرهم للجيوش، ولا أي جيوش هذه التي يريدونها أن تعلن الخلافة! لكنه من باب تمضية الوقت، وملء الفراغ!
مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي، يقدرون على أن يعبروا عن آرائهم المملة، دون الحاجة إلى تسمية هذا اللعب، بالحزب، ودون أن يمرروا على شبابهم أنهم “يعملون” في اللا شيء، أعمالهم طريفة مثل مسيرة مرخصة في بريطانيا للمطالبة بالخلافة! وعد فرنسا بأنهم سيعطونها امتيازات لما ترجع الخلافة إن سمحت بالحجاب، وفي الحرب على العراق التي سقط فيها مئات الألوف من القتلى والجرحى، كان الحزب ينعى أحد العاملين الذي مات ميتة طبيعية فيها بعد مجاوزته السبعين، وهكذا.
ولا ننسى توقيعهم الأبدي: لا بد أن تعملوا مع العاملين المخلصين، في اللا شيء! يبقى العنصر فيهم يدرس ٢٠ سنة عددًا من الكتب، ولو كان قد أعطاها إلى قارئ جاد لأنهى أعمال الحزب في أسبوع، وأخبره بمحتواها، إن تلطف الله به فلم يقتله الملل خلالها.
دمتم بعافية.