حدود سايكس-بيكو
يغلب على العديد من الإسلاميين رواية تقول إن الحدود السياسية للدول العربية هي من إنتاج سايكس وبيكو، وكلما سمع الواحد منهم كلمة “حدود” قفز إلى هذا!
سايكس-بيكو هي اتفاق سري بين بريطانيا وفرنسا على تقاسم مناطق النفوذ، والذي فضح هذه الاتفاقية هم الشيوعيون الماركسيون في الاتحاد السوفييتي، بهدف تأكيد موقفهم القاضي بالانسحاب من الحرب العالمية الأولى، باعتبارها حربًا إمبريالية لا تخدم العمال والكادحين، وتريد السيطرة على ثروات الشعوب، ولتثوير الشعوب ضد الدول الرأسمالية.
كما هي الخريطة في المنشور، هنا جرى الحديث عن مناطق النفوذ البريطانية والفرنسية، ولو سألنا أي دولة اليوم تقع بمثل هذه الحدود؟ سيكون الجواب صفرًا، وهذه المنطقة تحديدًا هي التي جرى حولها الاتفاق حتى لا يأتي رجل من منطقة لم تشملها الاتفاقية، ويقول: سايكس وبيكو!
تم تصوير العالم الإسلامي عند هؤلاء كأنه كان في وحدة واحدة ثم جاءت هذه الاتفاقية وقسمته، على أن التدخلات الغربية والشرقية لم تتوقف، فكانت هائلة في ظل الدولة العثمانية، بدأت قديمًا مع ما سمي بالامتيازات.
والواقع أن تحميل المسؤولية لسايكس وبيكو كان كبيرًا في الخطاب القومي المشحون على بريطانيا وفرنسا، وللتأكيد على وحدة المناطق العربية، بلغ ذروته في عهد عبد الناصر، مع ظروف ساعدت على انتشاره مثل (العدوان الثلاثي) على مصر، ثم من سيأخذ الحمولة القومية في الدعاية؟ معلوم هو نفسه الذي فرح بأغنية (لبيك يا علم العروبة) وأسلَمَها.
كانت هناك حملة نابليون مثلًا في مصر في بداية القرن ١٩، وتحالف البريطانيون مع الأتراك في عكا، كذلك كان هناك معاهدة روسية مع الأتراك لحماية (الخليفة) وهكذا سبقت هذه الاتفاقية اتفاقيات عديدة في توزيع مناطق النفوذ.
مع العلم بأن هناك مناطق بقيت لقرون دون وحدة سياسية، وتجاذبتها الإمارات المتنازعة، قبل أن يولد سايكس وبيكو، عندك مناطق كانت إماراتها أصغر ومتعددة مما هي عليه اليوم، مثلًا: السعودية، مناطق اختلفت حدودها تبعًا لحروب وموازين قوى متنوعة مثل حدود الدولة المصرية أيام محمد علي، ومن بعده ما بين امتداد وتقلص، السودان وهكذا.
فيا صديق لا تنطق بهذه الكلمة كلما سمعت اسم وطن، أو حدود! حاول افهم بعدها افتي براحتك.