عقلية واحدة، ويحسب أنه على شيء!

كثيرًا ما تتغير العبارات، ولكنها تبقي خلفها نظامًا فكريًا واحدًا، فتبقى الأخطاء المكررة وما نقده المرء على قوم يمارسه هو دون أي التفات لكونه مماثلًا.

فعلى الصعيد الاجتماعي والسياسي تجد النتائج نفسها، لاتخاذ الوسائل نفسها، والتغيير إنما هو في صيغ التعبير، على سبيل المثال العديد من الشباب نفروا من نموذج قدمه إسلاميون، بحجة أنهم اختزلوا كل شيء بحلول سحرية، كالقول: الإسلام هو الحل، بصيغ عاطفية لا فكرية متماسكة، علمًا أن القدماء تفطنوا إلى واسطة المفاهيم للإسلام، ولذا يختلف مفهوم الإسلام ما بين خوارج وجهمية ومعتزلة إلى آخره.

فضلًا عن الطابع الاختزالي الذي يرجع كل شيء إلى الدين دون إفساح لجانب بشري يتبع الجهود البشرية، قد يتنبه الواحد منهم لهذا لكنه يسلك في المقابل الصراخ: “العلمانية هي الحل” في اختزال لكل شيء في اللا دينية، ودون تنبه للمفاهيم المختلفة للعلمانية، والنماذج التي لا يكلف نفسه السؤال فيها، هل هي اشتراكية، رأسمالية، ليبرالية-شمولية، سلطوية-لا سلطوية، ما الذي اختلف؟ العقلية واحدة، مجرد صيغة مقابلة.

تجده يكرر نموذجًا لشاب صغير لا يتقن لغة، ولا يعرف أصول الفقه ويقول آخذ بالدليل مباشرة من الكتاب والسنة، هو نفسه ما يقدمه من يقول لك: أصدق العلم، بدون أي فهم لفلسفة علمية، أو غيرها، ويحسب أنه بتتبع عدة دراسات يكون قادرًا على بناء تصورات كلية، وتجده يعيب على شاب يردد كل حين كلمات “بدعة” وقد لا يكون يفهم معناها، وهو نفسه “الظلامية” “الرجعية” دون شيء تحتها.

الممارسة الحزبية حين تكون في مجتمع رأسمالي وتدار بطريقة الإقطاع، ستكون النتائج عبارة عن قبيلة في وجه دولة حديثة، مهما كانت شعاراتها.