الأزهر رمز السماحة والوسطية
رأيت فرحًا كبيرًا في العديد من الأوساط التي تنادي بالحريات، وتزعم التنوير، وكذلك التي تنادي بوسطية الأزهر في مواجهة التطرف، بما أذيع من شهادة يعقوب، انظر: لقد كشف القاضي بحكمته العالية أن يعقوب معه مجرد “دبلوم”، وأنه قال عن نفسه “جاهل” هذا هو التخصص العلمي! انظر حرص القاضي على الأزهر، وهو يسأله إلى أي مذهب من المذاهب الأربعة تحديدًا تنتسب، بدون أي خيارات أخرى.
أما ما يسمى بدعاة الحريات والتنوير، فموقفهم جميل ورائع وهم يصفقون لمحكمة يُسأل فيها المواطن: لماذا تبدأ بالصلاة على النبي؟ وأي مذهب من الأربعة تتبع! لكن تبقى المراهنة في العمق على المؤسسة الأزهرية التي عوّل عليها القاضي، فما فائدة تقييم سيد قطب في العلوم الدينية من رجل تسعى أنت لإظهار عدم تخصصه في العلوم الدينية؟ فلنرجع إلى المؤسسة الأزهرية العريقة، ونعرف موقفها، فهي بجهابذتها مؤهلة لهذا؟ يدرسون على مشايخ، ويحوزون شهادات عليا بتخصصاتهم..
على سبيل المثال لا الحصر: عبد الله عزام دكتوراه في أصول الفقه من مؤسسة الأزهر، كان مسؤول ملف الوسطية في بلاد ما وراء النهر، كذلك عمر عبد الرحمن دكتوراه من الأزهر من مشاهير دعاة الوسطية الأزهرية في مصر المحروسة وغيرها من أرجاء المعمورة، كانت رسالته في الدكتوراه (موقف القرآن من خصومه) قد حازت على مرتبة الشرف الأولى من الأزهر، وهي مجرد تلخيص وعرض لكتب سيد قطب وأفكاره، دون أن يظهر اسم سيد قطب مرة واحدة في المراجع، لأن الدولة كانت ترفض الاقتباس عنه، لكن المؤسسة الأزهرية بوسطيتها أجازت الرسالة وتفهمت عدم وضع الاقتباسات من مُعدّها.
وكان ممن شارك في مناقشة الرسالة محمد سيد طنطاوي (شيخ الأزهر من عام ١٩٩٦ إلى ٢٠١٠، وليس هذا الموقف غريبًا على مشايخ الأزهر ومنهجهم الرباني، فقد كتب شيخ الأزهر الحالي: “تظهر القيمة الكبرى للجهود الجبارة المشكورة التي اضطلع بها روّاد الفكر الإسلامي قبل 67، بدءًا بالأفغاني وانتهاءً بسيد قطب” (التراث والتجديد، أحمد الطيب، ص4).
*الصورة: ما اتفق عليه الشيخان، وليس فكرهما فرديًا فقد سبق أنَّ سيد قطب يعتبر حاصلًا على دكتوراه من الأزهر من خلال رسالة عمر عبد الرحمن، وفي إجازته بمرتبة الشرف بيان لمنهج الأزهر.