قرأت منشورًا لأحد المشاهير يطالب فيه بعدم إغلاق المساجد في رمضان بسبب كورونا، لا إشكال في هذا، ولا أحبذ الدخول في نقاش حول وجهة القضية حيث ينبغي أن تتوجه المساءلات والمطالبات نحو توفير اللقاح لجميع المواطنين وبعدها تصبح فكرة الإغلاق غير واردة من الأساس، فبعيدًا عن السياسة، كتب الأخ بأن أهل المساجد أكثر الناس التزامًا بإجراءات الوقاية، ليسوا كأهل السوق، ومع ذلك فالأسواق مفتوحة ولا يعقل إغلاق المساجد.

لا إشكال في أي مقارنة يريدها، لكن الغريب يكمن في زعم امرئ أنه متحدث باسم [أهل المساجد] ويفاخر بأنهم أكثر الخلق التزامًا بإجراءات السلامة! كيف له هذا، هم مثل باقي المجتمع فيهم الملتزم بهذا وفيهم غير الملتزم بل فيهم من يشكك بالأمر كله، ومنهم من يعتبره خديعة ومؤامرة إلى آخره، فليس من شروط الصلاة أن يمتلك المرء ثقافة طبية أو أن يضع كمامة، فمن أين مثل تلك المفاخرات الفارغة؟

إن الإشكال الأكبر في هذا الخطاب هو الولع بالثنائيات، [أهل المسجد/أهل السوق] علمًا أن أهل المسجد هم أنفسهم أهل السوق، والناس الذين في الشارع هل تقدر على التفريق بين رجل مسجد ورجل سوق! من حيث الالتزام بالإجراءات؟ تجد حرصًا على التميز عن باقي الناس بأي شيء، وقد كان الصحابة أنفسهم يفوتهم بعض حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويقول قائلهم: ألهاني الصفق بالأسواق! وهم أنفسهم عمّار المساجد.