(7) لن يتوقف أبو الفداء هنا، فهو يسلم بأن ابن تيمية استخدم النظر والقياس في النقض، ولكن هل استخدمه في التأسيس؟ “حتى ولو قدرنا أنه وقع منه -رحمه الله- ذلك كلام في بعض كتبه سلك في طريقة الفلاسفة مسلما لمن يرد عليهم بأنهم لا يعرفون الحق كما يزعمون فهذا لا نوافقه عليه -رحمه الله- ونقول أنه كان فيه من أصحاب الأجر الواحد لا الأجرين… قد اجتهد فأخطئ” [16]!!! لكن مهلا، هذه جملة شرطية، فهل وقع ابن تيمية في ذلك؟ يعترف أبو الفداء على مضض بأن ابن تيمية “قد قاس في الصفدية مثلا وقاس بالأكملية” [17]، فقد حصل لابن تيمية “شيء من التوسع في محاكاة طريقة كلام القوم [يقصد الفلاسفة والمتكلمين] واحتجاجهم في مواضع لا غير فيما هو تأسيس للمعرفة على طريقتهم” [18]. إذًا، فابن تيمية قد خالف أهل السنة والسلف في هذا الموضع، ووافق الفلاسفة والمتكلمين، وإن تحرج أبو الفداء من رميه بذلك!!! سأترك للقارئ الحكم في هذا الكلام.
ولكن مهلا، ما هو مبلغ علم أبي الفداء بأقوال السلف حتى يصحح ويخطئ بناءً عليها؟
يقول أبو الفداء: “قال الشافعي نفسه مؤسس علم أصول الفقه عند المسلمين: «ما جهل الناس واختلفوا إلا بتركهم مصطلح العرب وأخذهم مصطلح أرسطوطاليس»، هذا كلام الشافعي -رحمه الله- مؤسس أصول الفقه” [19].
الرد: هل قال الشافعي هذا الكلام؟
يقول الذهبي: “هذه حكاية نافعة، لكنها منكرة، ما أعتقد أن الإمام تفوه بها، ولا كانت أوضاع ارسطو طاليس عربت بعد البتة. رواها أبو الحسن علي بن مهدي الفقيه، حدثنا محمد بن هارون، حدثنا هميم بن همام، حدثنا حرملة. ابن هارون: مجهول.” [20].
لو روقت يا “د.” حسام بدلا من الخوض فيما لا تجيد لأرحتني وأرحت نفسك 🌹.
[1] سلسلة التحذير من السلفية الفلسفية - في قولهم نظرية المعرفة عند ابن تيمية (الجزء الثاني) 49:58. [2] معيار النظر عند أهل السنة والأثر، أبو الفداء حسام بن مسعود، شركة الروضة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى: ١٤٤١ه-٢٠٢٠م، ج١ ص٩٦. [3] سلسلة التحذير من السلفية الفلسفية، 51:30. [4] المرجع السابق، 53:00. [5] تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل بالباطل، أحمد بن تيمية، تحقيق: علي بن محمد العمران ومحمد عزير شمس، دار الفوائد للنشر والتوزيع، مكة-المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى: ١٤٢٥ه، ج١ ص١٢. [6] سلسلة التحذير من السلفية الفلسفية، 01:03:05. [7] مجموع فتاوى أحمد بن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن قاسم، وساعده ابنه محمد، طبع بأمر: فهد بن عبد العزيز آل سعود، طبع في المدينة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، تحت إشراف: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ١٤٢٥ه- ٢٠٠٤م، ج١٢ ص٨١. [8] منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية، أحمد بن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى: ١٤٠٦ه-١٩٨٦م، ج١ ص٣٦٥. [9] درء تعارض العقل والنقل، أحمد بن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الثانية: ١٤١١ه-١٩٩١م، ج٥ ص٣١٤. [10] سلسلة التحذير من السلفية الفلسفية، 01:11:07. [11] الرد على المنطقيين، أحمد بن تيمية، المحقق: عبد الصمد شرف الدين الكتبي، مؤسسة الريان - بيروت، الطبعة الأولى: ١٤٢٦ه-٢٠٠٥م، ص٥٥. [12] مجموع الفتاوى، ج١٦، ص٣٢٨. [13] سلسلة التحذير من السلفية الفلسفية، 01:20:00. [14] معيار النظر، ج١ ص٩٤-٩٦. [15] المرجع السابق، ج١ ص٥٧، وكرره في الصوتية. الكلام هنا ليس في قوة القياس المعين بل جواز مطلق الأقيسة. [16] سلسلة التحذير من السلفية الفلسفية، 01:21:18. [17] المرجع السابق، 01:21:44. [18] المرجع السابق، 01:23:52. [19] المرجع السابق، 09:16. [20] سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه: شعيب الأرنؤوط، حقق هذا الجزء: محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى: ١٤٠٢ه-١٩٨٢م، ج١٠ ص٧٤.