“إن السلطان هولاكو لما فتح بغداد وأراد قتل الخليفة أبي أحمد عبد الله المستعصم، ألقوا إلى سمعه أنه متى قُتل الخليفة اختل نظام العالَم واحتجبت الشمس وامتنع القطر والنبات.

فاستشعر لذلك ثم سأل بعض العلماء عن حقيقة الحال في ذلك، فذكر ذلك العالِم له الحق في هذا وقال: إن عليًا بن أبي طالب كان خيرًا من هذا الخليفة بإجماع العالَم ثم قُتل، ولم تجرِ هذه المحذورات، وكذلك الحسين وكذلك أجداد هذا الخليفة قُتلوا وجرى عليهم كل مكروه وما احتجبت الشمس ولا امتنع القطر.

فحين سمع ذلك زال ما كان قد حصل في خاطره، واعتذر ذلك العالِم عن هذا القول، بأن هيبة السلطان كانت عظيمة وسطوته مرهوبة، فما تجاسرت أن أقول بين يديه غير الحق.

فهذا كان اعتقاد الناس في بني العبّاس، وما قويت دولة من الدول على إزالة مملكتهم، ومحو أثرهم سوى هذه الدولة القاهرة نشر الله إحسانها، وأعلى شأنها، فإن السلطان هولاكو لما فتح بغداد وقتل الخليفة محا أثر بني العباس”

(الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، محمد بن علي بن طباطبا المعروف بابن الطقطقا، دار صادر، بيروت-لبنان، ص١٤١.)