البروفيسور
هذا الأستاذ الوسيم يدعى تيد كازينسكي، بروفيسور في الرياضيات درس في جامعة هارفرد وميشيغان وعمل في جامعة كاليفورنيا، حصّل النقود من عمله محاضرًا ليشتري أرضًا ريفية، ثم استقال من عمله، لينشئ بها كوخًا ريفيًا بلا كهرباء ولا أجهزة اتصال، وبدأ بإرسال طروده المفخخة، التي تستهدف العلماء، الجامعات، المطارات، واستمر مجهولًا لعزلته وحرصه على إخفاء أثره، بقي ناشطًا ١٧ سنة وهو يرسل طروده المفخخة حتى اعتقل في ١٩٩٥ وأدين بالقتل، بعد أن أصبح أكثر قاتل متسلسل مكلف للأجهزة الأمنية في تتبعه.
إيدلوجية تيد يمكن اختصارها بأنه يعادي المجتمع الصناعي/التقني، وتمثل ذلك في بيانه الشهير الذي نشرته الصحف وهو ما قاد إلى خيوط اعتقاله، وكتب فيه بأن القتل كان ضروريًا لتحقيق نشر إعلانه وبيانه، ولكنّه مع ذلك ليس منظرًا إيدلوجيًا بخلاف جاك الول الفرنسي الذي يعتبره تيد مرشده النظري والفكري.
لذا لفهم عقلية كازنيسكي لا بد من قراءة جاك الول، ذلك الذي وضح أفكاره في كتاب كبير بعنوان [خدعة التكنولوجيا] الكتاب يحمّل التكنولوجيا مسؤولية الكوارث، لو لم يكن هناك علماء لما كان هناك أسلحة متطورة، دون المفاعلات التي صممها علماء ما كان هناك كارثة تشرنوبل، وهكذا يسلسل أفكاره بوضوح مرات وبغموض مرة أخرى.
الخط العام لالول هو اللا سلطوية [الأناركية] رفض الدولة أو المجتمعات الهرمية، وللتدليل على فكرته كان يأخذ حجج اليسار في اليمين والعكس كذلك، حتى يتهافت أي تصور أو شكل محدد للدولة، وفي الوقت الذي يعيّر المجتمع الصناعي بمجازر النازية كان يحذر من الخطر الإسلامي الداهم! يحذر من المهاجرين المسلمين في أوروبة، ومن بيع السلاح إلى الدول العربية التي يرى أنها ستوجهه يومًا ما إلى أوروبة!
أفكاره أثمرت بتفريخ إرهابيين من أمثال كازينسكي الذي رأى الأولوية في قتل العلماء الذين يصممون الأجهزة التقنية باعتبار أنهم أساس فساد العالم.