فما قاله ابن تيمية يحطّم تلك الحذلقة التي قالها شايع: " كيف للعدم أن يكون مكان الوجود وهو لا وجود"، وأن ذلك يعني: “أن العدم يحل محله”، فلا يحتاج العدم إلى تعليل ولا إيجاد، بل هو الأصل الذي يكون عليه الممكن قبل وجوده، لكن شايع يتخيل العدم هنا كوعاء يحل مكان وعاء الوجود! والواقع أن الذي يحتاج إلى تأثير هو الوجود، لا العدم! الذي ليس شيئًا موجودًا في الخارج!

وابن تيمية لا يوجد في نسقه تلك السقطات حين انتصر شايع لمقالة أن: “العدم ليس شيئًا، بل كلمة، صوتٌ بلا معنى”! وهو الذي يعتبر نفسه جاء بفلسفة معاصرة بعيدة المنال عن ابن تيمية، على أنه لم يكن يأتي إلا بأخطاء رد عليها ابن تيمية، ومن ذلك نفي مفهوم العدم، حيث رد ابن تيمية على من قال عن العدم: “إنه ليس بشيء لا في العلم، ولا العين، لا في الذهن، ولا في الخارج عن الذهن، وهذا غلط، بل الصواب أنه ثابت موجود في العلم، بمعنى أنه يُعلم، والتمييز يتبع العلم، فإذا كان معلومًا بالعلم، ميز العلم بين الممتنع والواجب والجائز، والمراد وغير المراد، وذلك لا يوجب كونه ثابتًا في الخارج، فإنا نعلم بالاضطرار أنا نتصور في أنفسنا ما لا حقيقة له في الخارج” [8]

فانظر إلى ذا الاتساق، وتنبهه لارتباط مفهوم الممتنع والواجب والجائز بمفهوم العدم، في مقابل تلك العشوائيات التي يحسب صاحبها أنها فلسفة!


[1] الوجود والوعي، شايع الوقيان، ص132، 133. [2] الوجود والوعي، شايع الوقيان، ص152. [3] الوجود والوعي، شايع الوقيان، ص234. [4] درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ج8، ص116. [5] درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ج8، ص117. [6] درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ج8، ص119. [7] درء تعارض العقل والنقل، ابن تيمية، ج8، ص122. [8] مسألة حدوث العالم، ابن تيمية، ص57، 58.