الغزالي في [فيصل التفرقة] يطرح مسألة تغيب عن أذهان العديد من الذين يتخيلون أنهم بالحديث عن مسألة العذر بالجهل، أو التأويل ونحوه، يقرِّبون بين الناس، ويدفعون صولة التكفير بينهم، يقول:

“أن يخّطئ صاحبه، ويظن أن المخالف له فيه كافر، لا يصير كافرًا، وإنما هو خطأ في مسألة شرعية، وكذلك الحنبلي إذا لم يكفَّر بإثبات الجهة، فلم يكفُر بأن يغلط، أو يظن أن نافي الجهة مكذِّب، وليس بمتأول”

[فيصل التفرقة، أبو حامد الغزالي، تحقيق: محمود بيجو، ص٩٣.]

أي إذا كنت تعذُر من وقع بمسألة، ولا ترى صحة تكفيره، فهذا يعني أنك ستعذر من كفّره، فالحنبلي الذي يكفِّر من نفى العلو الحسي واعتقد بأنه كذَّب القرآن، معذور، وبالتالي عليك أن توسع العذر ليشمل من يكفّر دون أن يعذُرَ مخالفه.

فبعض الناس يحسب أنه إن قال بالعذر في الجهل والتأويل ونحو ذلك، إنما يمنع التكفير بين الطوائف، والواقع أن عليه أن يطّرِد فيشمل في إعذاره المكفِّرين كذلك.

وهنا مسألة شبيهة وهي المصوِّبة الذين يرون أن المجتهدين كلهم يصيبون الحق، فقيل لهم: وهناك من يخالفكم فيرى التخطيء؛ أي: إن الحق واحد والمخالف له مخطئ، فإن كان كلُّ مجتهد يصيب، فقد أصاب هؤلاء المخطِّئة أيضًا فقد اجتهدوا وحكموا بالتخطيء.