عن التراث المخطوط

سمعنا ونحن صغار أن هناك عددًا مهولًا من المخطوطات التي لم تحقق بعد، وأن المطبوع منها قليل جدًا، وهذا صحيح، إلا أنه رغم ذلك يخبرك بنصف ما في الكوب، ولذا ينطلق عنان خيالك محلقًا.

فيخيّل إليك أن تلك الكتب الدفينة من طراز رسالة الشافعي، ولكن هذا غير صحيح فعدد كبير منها مكرر لكتب مطبوعة، أو مكرر بطريقة ملتوية، على سبيل المثال: مخطوطة في ليدن-هولندا برقم ٢٣٨٦، لأحمد بن علي العثماني تبلغ ١٠٠ ورقة تقريبًا في شرح لقصيدة له يتوسل فيها بأهل بدر، وذكرهم نفرًا نفرًا.

ثم ترجم لهم في الشرح من الكتب المطبوعة المتداولة كالإصابة لابن حجر، فما الفائدة المرجوة منها لو طبعت محققة؟ وهكذا..

وعدد مهول منها إجازات لمتأخرين، وهناك إجازات غير علمية، مثلًا تجد ترجمة تعلِمُ العلماء والفقهاء بأن فلانًا أجيز على طريقة صوفية معينة بضرب الطبول، وهذا وأمثاله لا فائدة من طبعه، نعم يفيد الباحث في الشأن التاريخي، فكل ورقة يعرف قدرها الباحث التاريخي المنقِّب، ويمكنه الرجوع إليها مع طفرة التصوير الرقمي، لكن أن تطبع لأول مرة، مع إعلانات فغالبًا ما يكون الأمر تجاريًا.

ومنها ما يتعلق بالتمائم ومنها أدعية، وهكذا، فالعزيز منها المستحق للطباعة نادرٌ في مجموع المخطوطات، هذا ما أحببت الإشارة إليه حتى لا يعطي ذكر أعداد المخطوطات وتوزعها انطباعًا خدّاعًا للناس.