أبو الفداء ابن مسعود صاحب [القول المسبوك] يرد عليَّ في فيسبوك! (٤)

والرجل لا يتأنى في فهم الاستنباطات الشرعية، فيعلق على حديث الاستعاذة من الفقر بقوله:

“لا يخالفك أحد في هذا! ولكنه لم يدع بهذا الدعاء طالبا من الله تعالى أن يزيل الفقر من الأرض بالكلية”

فالمقصد أنه استعاذ من الفقر ولا يستعيذ مما يقره الشرع، فالشرع هنا يحض على دفعه، والبشر هم المطالبون بهذا، كما يستعيذ من الجهل، فلا يقال بأنه لم يطلب رفع الجهل! فالبشر هم المطالبون لا معنى للتكليف إن رفع الله الجهل والفقر والظلم!! أين دور البشر حينها؟

ومن استدلالاته قوله: “ولو كان ذلك هو مقصد الإمامة في الإسلام أو من جملة مقاصدها، لرأيته يقع، من باب أولى، لخير أمة أخرجت للناس، في إمامة الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم! ولكن ليس من مقاصد الشريعة ما يصادم السنن الكونية التي خلقها رب العالمين!”

هذا يريك خطأ تصوراته، أعطي مثالًا آخر حتى تتضح عقلية أبي الفداء في المسألة وبُعد اعتراضه:

[[محو الأمية]]

الإسلام حث على العلم، والكتابة والقراءة أساسية في هذا، لا يمكن تحقيق الواجبات دونها من علم شرعي حتى باقي العلوم والوظائف في الدولة والمجتمع، ولم يكن ممكنًا وفق قدرات ذلك الزمن القضاء على الأمية، هل هذا يعني استحالة هذا؟! وأن الأمية من سنن الله ومن دعا إلى سحقها فهذا يعني تغيير خلق الله، ونحو تلك الاستدلالات الجبرية؟ وأنها دعوة للتساوي بين الناس في العلم! التي تعارض أن الله قدّر التفاوت في العلم والجهل!

في المجتمعات الحديثة يمكن الحديث عن القضاء على الأمية بشكل كامل، ليس هذا من الحماقة في شيء، بل هذا ما تعمل عليه الدول، وتتنافس فيه، وليس هو من تحطيم سنن الله، لأن هذا الرجل لا يفقه معنى سنن الله ويجعل الأمور جبرية.

كما هو معلوم عند أهل السنة هناك فرق بين فعل الله ومفعوله، مفعول الله لا يلزم أن ترضى به، ولا أن تقره، فقد يكون ظلمًا وباطلًا، وبالتالي فأنت تحاربه، وتجهد لتغييره حدّ القضاء عليه ومنه الفقر.

ثم من قال بأن مسألة الفقراء متعلقة بالزكاة فحسب؟

حتى يقول هذا الرجل: “لم يعدنا [أي الشرع] بذهاب الفقر من الأرض بالكلية إذا جمع الإمام زكاة المال من جميع من تجب عليهم!”

هذا الرجل بحق يتخيل أن المسألة مجرد زكاة، غاب عنه أن هناك شيئًا اسمه واجب الوقت، وهذا يعني الأخذ من المال حتى لو كان قد زكاه صاحبه لإنقاذ من يموت من الجوع مثلًا [يراجع في هذا كلام الشاطبي في الموافقات]، وقد بحث الجويني [الذي ليس ماركسيًا والحمد لله] هذه المسألة وقال لو تعطلت الزكاة لقرون، فإنه لو أخذت في عام لن تسد حاجة الفقراء، فقال بأن قواعد الشرع تجعل الأخذ من أموال الأغنياء لسد فاقة الفقراء واجبًا عليهم دون أي تعويض لهم، ثم قال فإن تعنت رجل طالبًا دليلًا جزئيًا في المسألة فله في قوله تعالى: “والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم” إلى آخر ما قاله فليراجع في موضعه، وكذلك يراجع كلام ابن تيمية في إيجابه التسعير وتفصيله في ذلك، يبين لك أن هذا الرجل يعيش وفق مسلمة أن المسألة مجرد زكاة والسلام.

نصف ثروات العالم تتكدس في يد قلة تقارب الخمسين شخصًا وهذا الرجل لم يجد هذا تغييرًا لسنن الله، بل الغريب هو القضاء على الفقر!

مودتي