أبو الفداء ابن مسعود صاحب [القول المسبوك] يرد عليَّ في فيسبوك! (٣)
إن هذا الرجل يتعامل مع وجود الفقر كضرورة كونية، لا يمكن تغييرها ولا إلغاؤها، وينسب من يخالفه في ذلك إلى الفكر الغربي، عفوًا أنت تردد كلام الغربيين الرأسماليين لا أكثر! تعيد كلام مالتوس عن حتمية نقص الغذاء بسبب زيادة السكان، ولكن بعبارة أخرى منسوبة إلى الشرع!
ما الذي يجعل من الفقر حتمية أو بتعبير أبي الفداء من “سنن الله”؟ لأنه منتشر؟ وجد في مجتمعات كثيرة؟ هذا لا يجعله حتميًا، ولا يجعل من تغيير هذا: خرافة، وغباء، وخبث إلى باقي معجم شتائمه، خذ على سبيل المثال طبقة العبيد في المجتمع القديم، العالم كان مقسمًا إلى أحرار وعبيد، كان فيه مملوكون يباعون ويشترون، وجوارٍ، كان يجري الاستثمار في هذا، يشتري الواحد عائلة ويجعلها تتكاثر ثم يبيعهم، كان أفلاطون يصبغ الأمر بجبرية كونية وفق طريقة أبي الفداء، فيرى أن هذا وجد من قديم وسيظل هكذا لاختلاف في طبيعة البشر، فروح الحر ليست كروح العبد!
استمر هذا النظام لقرون متطاولة، بنيت الكثير من الولايات الأمريكية على أكتاف العبيد، ثم لم يعد هناك طبقة عبيد كالمجتمع القديم، وتغير نظام العالم، لم يعد ممكنًا لأبي الفداء أن يبتاع أحدًا، فهل جرى تغيير سنن الله الكونية في هذا؟ بل صار الواقع يصادم تمامًا من يحاولون إعادة هذا النظام، على سبيل المثال كانت داعش قد استرقّت قريبًا من ألف امرأة من الإيزديات ثم لم يقدروا على الإبقاء عليهن، فهربن في البلدان مجيشات للعالم على من فعل هذا بهن.
هناك من فكّر مثل أبي الفداء قديمًا في موضوع الطاعون، كان الطاعون مرضًا مميتًا ينتشر بسرعة، وبقي لعهد مديد على هذا الحال، فخرج من يقول، هذا الداء لا دواء له!!
قال مرعي الكرمي: “ذهب جماعة من العلماء أن التداوي لا يفيد مع الطاعون شيئًا، وقالوا كل داء بسبب من الأسباب الطبيعية له دواء من الأدوية الطبيعية إلا الطاعون، فإنه قد أعيى الأطباء دواؤه” وقال بعضهم: " لا دافع له إلا الذي خلقه وقدَّره"
هل جعله هذا من سنن الله؟! كونهم لم يقدروا قديمًا لا يعني أنه مستحيل، لم يقدر البشر على الطيران قديمًا، على الخروج من الغلاف الجوي، على علاج كثير من الأمراض لا يجعل هذا من الأمر مستحيلًا.
هل صار الطاعون مألوفًا اليوم؟ أو جرى القضاء عليه في معظم أنحاء العالم؟
يتبع..