المقاطعة الفرنسية انطلقت بشكل عفوي من كثير من المسلمين ويلتحق بهم كل حين آخرون، نعم شيء متوقع أن يلحق بأصواتهم أطراف لأهدافهم السياسية الخاصة، هذا لا يهوش على الموقف، بل كما في حديث النيات لم يكن الجميع يهاجرون في سبيل الله، كيفما كان فالله من يعلم النيات ويحاسب عنها.

المهم في الموقف هو ألا تجير المقاطعة لحساب فئة سياسيًا، حتى أكون أوضح، خروج ماكرون على قناة الجزيرة بصيغته المتراجعة إلى الوراء لا يعني وقف الأمر، ومن يسوق لهذا يحاول تصوير المقاطعة كأن دولة هي التي بإمكانها افتتاح المقاطعة وهي التي يمكنها وقفها.

قد يقول قائل ولكن لا بد من فئة أو جهة يجري الحديث معها لتصعد أو تقلل الأمر، لتحصيل المقصود، فهذا غير واقعي في هذه الحالة، فالحكومة الفرنسية بخطابها استهدفت كل مسلم، وبالتالي فوظيفتها هي، لا غيرها، تحسين صورتها، وإقناع كل أولئك الذين يقاطعون، بأنها هي التي توقفت عن استهدافهم، لا التملق إلى جهة محددة ويمكنها بالتالي الخلط بين هذا الخطاب وبين تحقيق مكاسب سياسية خاصة لفئة.

التفاعل الفرنسي سريع الوتيرة يبين أن الأمر لا يُحتمل بالنسبة للحكومة الفرنسية، وأنها تسعى بقصارى جهدها لوقف المقاطعة وليس الأمر مجرد مقاطعة بل الخطابات النقدية التي تعيق اللهجة الفرنسية الناعمة، لحرصها على لعب دور فعال في المناطق العربية والإسلامية، كلما طال الأمر ستختلف اللهجة أكثر، كلما لم تقدر دولة منفردة على إقناع الناس بالتوقف ستزيد أهمية الشعوب الإسلامية ككيان ذي تأثير على الخطاب السياسي، كلما جرى تحميل الحكومة الفرنسية مسؤولية أخطائها، وأنها وحدها التي تملك زمام المبادرة في تحسين صورتها بشكل فعال على المدى الطويل جرى تحصيل مكاسب في المسألة.