لا يؤكدّون شيئًا
عندما قُتل جورج فلويد تحت أقدام الشرطة الأمريكية وقد أفرج عن قاتله ديريك شوفن بكفالة قدرها مليون دولار، ما الذي يفهمه الإنسان العادي من كل هذا؟ هناك تمييز عنصري! إنها قضية عادلة يتحتم الدفاع عنها.
خلال المظاهرات التي اجتاحت الولايات المتحدة، وقعت أعمال شغب، عنف، وحتى نهب للمحلات التجارية، حاولت جهات كثيرة لا تقبل تلك المطالب التي تفضح النظام بتسليط الضوء على أعمال النهب، حتى قال ترامب: ما إن يبدأ النهب حتى تُطلَق النار!
إنهم يواجهون أناسًا على خلفية لونهم متترسين بترسانة قانونية، وخطاب سياسي ثم يطلبون من مراهقين أن يكونوا بالدهاء نفسه الذي يجعلهم يمثلون صورة تعكس عدالة قضيتهم! هذا النموذج يتكرر كل حين، الحكومة بخبرائها وسياسييها تعطي حصانة شرعية لخطاب ضد المسلمين وتتذرع بأعمال أفراد، ليست بالكفاءة السياسية المقابلة! أن تصنع ظروفًا متطرفة، ثم تعير خصمك بوجود أفراد متطرفين.
إنهم نظام يوقعون على عمليات استخبارات متنوعة بحجة المصلحة العليا للدولة، تشمل الاغتيال والخطف، وغير ذلك في إطار من عالم يعطونه الشرعية وبالوقت نفسه غير قانوني، ثم يطالبون جماهير مجردة من خبراتها، مجردة من أي سلطة بأن تمنع شابًا أن يدخل الحدود بشكل غير قانوني ثم يمنعونه من القيام بعمل عنيف لا يمثلهم.
إني أفهم كأن المطلوب من المسلمين أن يضبطوا الحدود، أن يسيروا دوريات الشرطة، أن يراقبوا ليمنعوا فردًا واحدًا عن تنفيذ عمل لا يمثلهم! وإلا فإنهم مدانون!
أليست هذه وظيفة الدولة التي تميز ضدهم! لم يخرج المسلمون بمسيرات تستعرض البنادق الهجومية كما حصل في الولايات المتحدة، لقد عبروا عن رفضهم لسياسة ممنهجة تستهدفهم جميعًا بطريقة المقاطعة ثم فضحت الحكومة الفرنسية نفسها بأنها كانت تتلاعب بالعبارات بأن المستهدف قلة معزولة، حين صارت تتحدث عن مواجهة فرنسا للدول الإسلامية بحلفها الأوروبي!
بالوقت نفسه الذي تتدخل الدولة في دينهم، تتحدث عن طعامهم، لبسهم، وحتى محتوى خطبهم في دولة تتذرع بحكاية الحريات! إنهم لا يؤكدون شيئًا سوى شرعية مطالب المسلمين، على بؤس الخطاب الذي يساوي بين من يمتنع عن منتجاتهم لرفضه خطابهم وبين من يعيد تمثيل جريمة طعن شابتين جزائريتين تحت برج إيفل في الواقع الحي! أعفت الدولة مسؤوليتها التحريضية حينها عنها وهي التي بيدها كل السلطة! ثم رمت الباقي على المسلمين.
عند كل حدث يعاد الأمر إلى رمي المسلمين، حين حدثت جريمة في نيوزيلندا تداركت الحكومة هناك الموقف وصدرت مراجعات جادة من العديد من المراجعين للحدث: “كانت أجهزة الدولة متركزة على تتبع العناصر الإسلامية، مما سمح بتغافل عن أنشطة اليمين المتطرف”! أما في فرنسا فالدولة تحشد نحو هذا التوجه، وتريد الرأي العام معها.
إنها تدرك أن حصر المطالب بأقلية، بسلوكها العنف يسهل عليها أن تقضي عليهم في وسط تهليل الرأي العام، في حين أن المواجهة لذلك الخطاب يجب أن تكون واسعة، كونها تستهدف الجميع، وبما يكسب الرأي العام، وبالتالي يجب أن يؤكد المثقفون على هذا الدور، على عدم الانجرار للاستفزازات والجواب عنها بالعنف الفردي الأعمى، على عدم رمي وظائف الحكومة على أفراد ليس لهم سلطة.