العلمانية المحايدة

قبل فترة أطل ماكرون يشرح للناس معنى العلمانية ومختصرها أنها تقف على مسافة واحدة من كل الأديان، ثم فجأة: سيؤسس إسلامًا فرنسيًا، ومئات الأئمة لتحقيق غرضه، عفوًا ألم تكن العلمانية محايدة قبل قليل؟

يعني الدولة لن تؤسس وزارة أوقاف، لن تدعم كهنة بروتستانت في مواجهة كاثوليك، لكنها هنا ستقطع من دافعي الضرائب لدعم توجه [ديني] يخدم أغراضها السياسية معنى هذا أنها تتدخل بشكل سافر في الدين وبطبيعة المعطى الديني، فلا يوجد أدنى حياد.

الأمر الآخر قال إنه يواجه فئة محددة مخصوصة انفصالية، يعني هذا أن الأعم الأغلب من المسلمين لا علاقة لهم بهؤلاء، لكنه سيوجه مئات الأئمة! يعني الجميع عليهم تغيير دينهم! سيعبث بشكل رسمي بخطاب جميع الجهات متكئًا على فرعه الدعائي الجديد، لنقل إنه يحاول عقد اتفاق بين الأديان [جدلًا] ومؤسسة الدولة بأن لا تتدخل الأديان في السياسة لكنك ستتدخل في الدين، إذن لا اتفاق وسيتدخلون في السياسة!

ماكرون يرى أنه مسؤول عن تغيير [الأزمة الإسلامية] حسن ما بال الجهات الطوعية التي تعلن وقوفها معه؟ لقد أعلن أنه سيؤسس جهته الخاصة، من مئات الأئمة دعوهم وعملهم إذن، أنت لا تأخذ معاشًا ولست موظفًا في الدولة الفرنسية، ليس عملك ولا تعقهم متى واجهتهم مشكلة! لماذا العمل الطوعي في الدعاية الفرنسية؟

تلك المشاكل قد تعلن تخوفك الزائد منها ولذا تتقدم بالتطوع، أنت لا تدري من يدخل (الإسلام) وأي إسلام تحديدًا المدعَّم أو غير المدعَّم وكيف سيفهمه الداخل، بل لا تدري لعلك تحاسب بالقانون على كلمة أو استشهاد تقوله في مسألة قد لا يوافق عليها ماكرون دعهم وشأنهم، ألن تؤسس الدولة دينًا لحل الأزمة؟

فأي حدث حصل أو سيحصل لن يرفع السقف الذي رفعه ماكرون نفسه، الذي يسعى لتعليمك دينه الممول من الدولة، أنت على قائمة من يجب ترويضهم، من الدولة اللا دينية المؤسسة لدين يسعى لتحويلك إليه!