لماذا مصطلح مادية؟
أكثر اعتراض تشنيعي تردد حول كتاب [نظرية ابن تيمية في المعرفة والوجود] كان حول استعمال مصطلح مادية، كيف تم سحبه ليشمل الغيب؟! مع تشنج في الاعتراض ولمز بالإلحاد.
فإذا عُلم أن كتاب [فلسفتنا] لمحمد باقر الصدر كان قد صدر لأول مرة ١٩٥٩م، وأضحى مرجعًا في دراسات أزهرية أجيزت بامتياز، وكذلك الأمر في السعودية، وغيرها، اللافت أن أكثر الانتقادات للكتاب جاءت من أوساط شيعية.
إذا عُلم هذا فإن كثيرًا من الدراسات التي يحتفي بها من لم يسيغيوا كتاب [النظرية] قد اعتمدت بكثافة على كتاب الصدر، أو على دراسات اعتمدت عليه، وهو الذي سحب مصطلح مادية ليثبت مفهومه للغيب، فقال:
“من الواضح أن المادة إذا كانت تعبيرًا مساويًا للواقع الموضوعي المستقل وكانت خصيصتها الوحيدة اللازمة لها هي موضوعيتها ووجودها بصورة مستقلة عن وعينا، فالفلسفة الميتافيزيقية الإلهية تكون مادية تمامًا باعتبار هذا المفهوم الجديد للمادة”
(فلسفتنا؛، محمد باقر الصدر، تقديم: محمد الغروي، دار التعارف للمطبوعات، بيروت–لبنان، الطبعة الثانية: 1430هـ- 2009م، ص١٨٠.)
فإذا لم تجد أحدًا من هؤلاء شنع عليه مرة واحدة في هذا، أو لم تجد ولو لمزًا مرة واحدة للصدر بتصريحه هذا من قَبل، ولا عيبًا لأسلاف هؤلاء ممن اقتبسوا عن الصدر واستفادوا منه وكرروا كلماته حذوا القذة بالقذة، تعلم أن هذا التشغيب ما هو إلا كالذي قيل فيه:
وإن الضغن بعدَ الضغن يبدو***عليكَ ويُخرجُ الداءَ الدفينا