شَيبة وخَيبة (٩)

1-قال: " فأما من تدرَّب في المعاني الطبيعية، ثم حظي بالعلوم الإلهية، فإنه يستعين بأصول الطبائع على تقرير المعاني الإلهية، ويدعي أنها كلها أعلام دالة لذوي الألباب على المعاني العقلية التي أشار إليها تنزيل الكتاب… ينسب لأبي الحسن العامري. لقد كان منهج السلف في باب العقائد يقوم على الرواية المسندة" [1]

ما علاقة كلام أبي الحسن العامري بالسلف؟ وما علاقة ما نقله بالرواية المسندة، وما علاقة كلامه بعقائدهم؟ هذا اسمه انقل أي شيء حتى تظهر للناس أنك مثقف! أبو الحسن العامري (381هـ) من المتفلسفة، درس على أبي زيد البلخي، أحد أتباع الكندي الفيلسوف الشهير، والرجل كان مولعًا بالأرسطية المدعّمة بالأفلاطونية المحدثة، كان منتصرًا لتنجيم بطليموس، وعلى سيرة المعاني الطبيعية والعلوم العقلية التي أعجب بالحديث عنها الطيباوي فنقل كلامه، فالرجل يقصد:

“السحر والطلسمات… فن لا يستغنى عن معرفته، فإنه يتعلق بالمعاني الإلهية، والتأثيرات الروحانية” [2]، الرجل يتكلم عن أصول الطبائع، عن “الطبيعة الكلية السارية في الفلك المائل في العالم السفلي” [3]، يقول: إن “التنجيم … من أصناف العلوم النظرية هي من فرط الدقة بحيث لا يقوى على تحقيقها إلا الفائز بشرف الحكمة الإلهية” [4].

كان باطني النزعة، ولذا يؤول القلم بالعقل الكلي، وعنده مبدأ الفيض، والنفس الكلية، وطريقته في النبوات طريقة المتفلسفة وقد تعرض لها ابن تيمية بكثرة، وكل هذا من المباحث التي رد عليها ابن تيمية مرارًا في (الصفدية)، و(بغية المرتاد) وغيرها! وهذا يُظهر أن الرجل ينقل ليتكثر فقط، يقتبس ما يجده في صفحة على الشبكة، ويكثر به منشوراته! الطريف أنه بعد أن نقل كلام العامري قال: “تفلسف بعض المسلمين بفلسفة الوثنيين فأفسدت طبيعياتهم عقائدهم وطغت على كلامهم”!

2-يستشهد بكلام بعض الماديين الملحدين الذين نفوا: " الفكرة المطلقة الروح أو الله" [1] ليقول انظروا، حسن لما يتسع النسق المادي للحديث عن إله ماذا يقول الطيباوي: " الله في فلسفة هوبس ليس هو الله الذي يمكن أن نصلي له" لما ينفون الإله الذي يرادف [[الفكرة المطلقة]] كأنه يقول: لقد نفوا الإله الذي نصلي له!

3-قال: " أراد إلصاقه بالعقيدة الإسلامية تحت عنوان الاتفاق حوله بين ابن تيمية والمادية الجدلية" [1].

أي مطالع للكتاب يعرف أن الكتاب فيه فصل لنقد الجدل “ديالكتيك”، ولكن الطيباوي يخلط بين المادية كمذهب، وبين المادية الجدلية كفرع دمج جدل هيجل مع المادية!

4- ينسب إلى بعض الماديين قولهم باستحالة تعريف المادة والوعي[1]، لمجرد رفضهم طريقة الحدود الأرسطية، رغم حديثهم عن المادة بذكر بعض صفاتها، بما يميزها عن غيرها، وقد سبق بيان أن الحدود الصناعية الأرسطية ليست طريقة لازمة ولا سائدة في الفلسفة اليوم، ويكفي في التعريف ما يميزه عن غيره ليتبين المقصود عند من يسمع ذلك.

يتبع إن شاء الله


[1] أسلمة المادية: النظرية التي ولِدت فاشلة (6). [2] رسائل أبي الحسن العامري وشذراته الفلسفية، دراسة وتحقيق: سحبان خليفات، ص472. [3] رسائل أبي الحسن العامري وشذراته الفلسفية، ص322. [4] رسائل أبي الحسن العامري وشذراته الفلسفية، ص329.