شَيبة وخَيبة (٦)
صياح بأي كلام، قال: “لم يترك سنيًا ولا شيعيًا إلا وجه له النقد على ذمه المادية” [١]، الكتاب كل من ذكر فيه أنفار، فالقول لم يترك سنيًا، ولا شيعيًا ما هذا!! هل ينتظر [حشدًا شعبيًا مقدسًا] بهذا التجييش؟
قال: “فسادهما (المثالية والمادية) عندي بيّن” [١]
يقولون هذا غير جائز عندنا***ومن أنتم حتى يكون لكم عند
المهم بعد أن قال بأنهما فاسدتان، كان بإمكانه الانسحاب، فهو لا يرضى بكل الموضوع من كل الجهات، لكنه آثر التشغيب، إنه مجال للانتهازية.
ففي الوقت الذي يزايد فيه على غيره بأنهم يراجعون معاجم وموسوعات فلسفية كان يفترض أن الرجل ينقل عن الأصول إذا به يطير إلى مقال على الشبكة، ولا يفهم مضمونه وينسخه لتطور دلالة مصطلح مثالية، وقد رد عليه يوسف سعادة في هذا.
فقال عدد من أنصاره: يا أخي هذه شكليات ليست في المضمون، وهي كلمته نفسها في الدفع عن سرقات كتاب ما بعد السلفية والتي حاول طمسها.
على أي حال بعد الحشو الفارغ قال: “المثالية فلسفة واقعية لأنها لا تنكر وجود العالم الخارجي، وإنما تستثني الله تعالى من الوجود الواقعي المادي”[١]
انظر لما ينطق كيف تأتي عباراته فجة، مصطنعه، مليئة بالثغرات، ولما ينسخ، يكتب: “المثالية بلغت بصورتها النهائية ويمثلها … كنط” [١]
ما الذي وجهه كانط نفسه إلى المثالية؟
قال: “مهما بدت المثالية بريئة الأمر الذي لا ينطبق عليها …. فإنها لفضيحة للفلسفة وللعقل البشري عامة أن يكون علينا أن نسلم بوجود الأشياء الخارجة عنا … معتمدين على مجرد الإيمان” [٢]
بمعنى أن النقد توجه على المثالية بصورتها المتسقة كمثالية أفلاطون، بأن نسقها الفلسفي لا يتسع للعالم المادي، ومن هنا كان العالم المحسوس شبحيًا ويجري التعامل معه بما لا يتسق مع النظرية الفلسفية.
وشيء أكيد أن كل البشر يتعاملون مع الواقع المادي، فكلهم يتنفسون، لم يزعم أحد غير هذا، إنما يجري الحديث عن النسق الفلسفي، الذي يتسع لهذا [المادية] بخلاف الذي يجعل الحقيقة في عالم المثل، فما حكاية أن المثالية تسلم الواقع المادي إنما تقول إن الله ليس ماديًا!
هذا الرجل دخل لمجرد الانتهازية بالموضوع، وتفضحه سطوره كل مرة، فالمثالية قال بأنهم يثبتون العالم المادي ويستثنون الله من هذا فحسب! ولكن لما يتحدث عن الماديين إن اتسع نسقهم لإثبات إله، يقول: يقصدون غير الله الذي نصلي إليه!
وكأن الإله المثالي هو الذي يصلي إليه! من [مثال المثل] لأفلاطون، حتى الروح وفكر الفكر عند هيجل! ثم من زعم أن المثالية كلها مؤمنة حتى ينسب إليها استثناء الله من المادة مع إثباته، أين ذهب شوبنهاور وهوسرل؟
يتبع إن شاء الله —————————— [١] أسلمة المادية: النظرية التي ولِدت فاشلة (٢)
[٢] نقد العقل المحض، كانط، ترجمة مراد وهبة، ص٤٢.