شَيبة وخَيبة (٥)
كانت افتتاحية مقالاته بالقول:
“النقاش الحالي بين بعض الأساتذة السلفيين حول المادة في مباحث العقيدة …نقاش يدل على ثراء السلفية المعاصرة وحيوتها الفكرية” [١].
يعني هو يسلّم بداية بأن هذا النقاش بين أساتذة سلفيين، وأنه في إطار السلفية ولكن لما تدخل العجيري بأنه لا يجوز رمي طرف بالإلحاد ونحو ذلك، انتفض الطيباوي وسماها بالتفاهة!
وسريعًا حتى تظهر تخليطاته:
#زعم أن الكتاب يعتمد على التعريف الماركسي اللينيني للمادة، [١].
بائس، فهذا يقال الماركسية اللينينية في مواجهة المنشفية مثلًا، الماوية في أطر اجتماعية سياسية لا في الوجود والمعرفة التي لم يغيّر فيها لينين حتى ينسب الفهم فيها إليه، هي تسبق ماركس، فويرباخ وجذورها ضاربة في تاريخ الفلسفة، والكتاب دار حول أطروحة ابن تيمية نفسه [لا وجود لما لا يمكن الإحساس به]، وهو ما قالته السمنية، وحتى من خرج من الماديين على الماركسية حد النقد لها كبونخي له نفس مضامين التعريف.
#قال: “معلوم أن المادة يُقصَد بها الجسم”[١] إذن فلتتعامل معها وفق ذلك الاصطلاح، كابن تيمية.
#قال: “عندما بدأت المادية عند أبيقور بدأت ملحدة في المضمون لكن دون إعلان صراحة الإلحاد فقالت: … إذا كان هناك آلهة (بالجمع) فمن طبيعة مادية” [١]، يعني الطيباوي يجعل أي مادي ملحد بالمضمون، حتى وإن (اتسع) نسقه لإثبات الإلهيات. والطريف أنه يلمز أبيقور بالشرك كونه يثبت جمعًا، حسن هذا ينسحب على أفلاطون وأرسطو وغيرهما، ومعه ديكارت الذي كان نصرانيًا وعقدت مقاربتك معه!
وأحب العبقري أن يفاجئ الجميع بذكائه فقال:
“المادية لا تقر إلا بالإحساس بالحواس الخمس، الإحساس البدني لا تعرف بمعنى لا تقر بالإحساس الباطن” [١]
يعني بنظره المادية لا تعترف بالإحساس بالجوع، الشبع، ألم المفاصل! وهذا يظهر ما الذي يتصوره.
مهلًا ماذا قال عثمان بن سعيد الدارمي؟ [٢٨٠ هـ]
“إِذِ ادَّعَيْتَ أَنَّ الله لَا يُدْرَكُ، وَلَمْ يُدْرَكْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الحَوَاسِّ الخَمْسِ، إِذْ هُوَ -فِي دَعْوَاكَ- لَا شَيْءٌ وَاللهُ مُكَذِّبٌ مَنِ ادَّعَى هَذِهِ الدَّعْوَى فِي كِتَابِهِ، إِذْ يَقُولُ - عز وجل -: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا” [٢]
على هذا فهو ينفي الحس الباطن عند الطيباوي، أو هو مادي لا يقر إلا بالحواس الخمس.
يتبع إن شاء الله ——————————— [١] أسلمة المادية: النظرية التي ولِدت فاشلة (1). [٢] نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي، ص٤٥، ٤٦.