“سيدنا يوسف عليه السلام لم يطلب الإمارة، ولا سعى إليها، والاستدلال بقوله: (اجعلني على خزائن الأرض) غلط كبير في فهم جهة الدلالة، وغياب عن سياق القرآن، وتحميل لدلالات القرآن وتصرفات الأنبياء لأوهام وأفهام حائرة في أذهانهم هم، فيسقطونها على تصرفات أنبياء الله، ودلالات القرآن، فيستنطقون القرآن بما ليس فيه، ويقولونه ما لم يقله”

(الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين، أسامة الأزهري، دار الفقيه، أبو ظبي-الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الثانية: 1436هـ-2015م، ص132.)

كل هذا الانفعال من أسامة الأزهري في هذا الموضع ليس له مسوّغ، فالمسألة شهيرة والاستدلال بالآية قديم على هذا، فانفعال الأزهري يزري بمن استدل بذلك من العلماء:

أما قوله إن يوسف عليه السلام لم يطلب الإمارة فهو مخالف لظاهر الآية، وأفهام العلماء!

#قال_الطبري: “وهذا من يوسف-صلوات الله عليه-مسألة منه للملك أن يولّيه أمر طعام بلده وخراجها، والقيام بأسباب بلده”

#وقال_الماوردي نقلًا عن بعض العلماء أن يوسف “طلب الولاية ووصف نفسه بما يستحقها به من قوله (إني حفيظ عليم)"، واستدلوا بذلك على نفي كراهية الطلب من غيره، ومن خالف في هذا لم ينف أن يوسف طلبها، إنما قال بالفرق بين يوسف وغيره، ولذا:

#قال_أبو_يعلى: “هذا لا يدل على جواز الطلب من غيره، لأن يوسف عليه السلام كان نبياً معصوماً من الظلم والجور فيما يليه من الأعمال. وهذا المعنى غير مأمون في حق غيره”، فقوله: [من غيره] تسليم منه بطلبها من يوسف.

#وقال_الرازي: “لقائل أنْ يقول: لمَ طلب يوسف الإمارة والنبي عليه الصلاة والسلام قال لعبد الرحمن بن سمرة: " لا تسأل الإمارة؟"، ثم أجاب عن هذا بقوله: “كان مكلفا برعاية مصالح الخلق من هذه الوجوه، وما كان يمكنه رعايتها إلا بهذا الطريق، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، فكان هذا الطريق واجبا عليه ولما كان واجبا سقطت الأسئلة بالكلية”.

#وقال_ابن_تيمية: “فلما سأل الولاية للمصلحة الدينية لم يكن هذا مناقضا للتوكل ولا هو من سؤال الإمارة المنهي عنه”

#وقال_القرطبي: “يوسف-عليه السلام-إنما طلب الولاية لأنه علم أنه لا أحد يقوم مقامه في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم فرأى أن ذلك فرض متعين عليه فإنه لم يكن هناك غيره، وهكذا الحكم اليوم، لو علم إنسان من نفسه أنه يقوم بالحق في القضاء أو الحسبة ولم يكن هناك من يصلح ولا يقوم مقامه لتعين ذلك عليه، ووجب أن يتولاها ويسأل ذلك”

وبعد هذا يأتي الأزهري ليقول بأن هذا تابع لأفهام حائرة!