المنهج الأزهري
كثر الكلام عن (المنهج الأزهري) على أنه منهج مختلف عن غيره في المدخلات والمخرجات، حتى رسمت لذلك أسطورة بأنه منهج معيّن، يمتد إلى قرون، وهذا كله لا دليل عليه، بل إن تقلبات المناهج في الأزهر شهيرة، سجلها غير واحد، ومن أشهرها المعارك التي حصلت مع محمد عبده وأنصاره، لكن مع ذلك هناك دعاية تتجدد بأن هناك (منهجًا أزهريًا) ممتدًا لقرون، كتب أسامة الأزهري:
“المنهج الأزهري ظل على مدى قرون طويلة وهو يربي أبناءه” [1]، ذلك المنهج “عظّم شأن الأمة، ولم يتعد عليها بتفسيق، ولا تشريك، ولا تبديع، ولا بغضاء، ولا شحناء للمسلمين” [2]، إنّ “من أهم خصائص المنهج الأزهري أنه مستوعب لتراث الأمة في العلوم والمجالات المختلفة” [3].
فبمناسبة الحديث عن الانفتاح على علوم الأمة وتراثها واستيعابه، كان محمد عبده قد طلب من شيخ الأزهر الشيخ الأنبابي أن تُقرأ (مقدمة ابن خلدون) في الأزهر فأبى [4]، فمتى كان هناك منهج معين ممتد؟ وبمناسبة البعد عن لمز غيرهم وحمل الشحناء والبغضاء، كان محمد بن إبراهيم الأحمدي الظواهري [1944م] الذي ولي مشيخة الأزهر سنة 1930م، قد كتب واصفًا حال شيوخ الأزهر في عهده:
“للأسف إن علماءنا اليوم تكاد لا تربطهم رابطة إلا الانتساب إلى بقعة الأزهر، مثلًا: خلاف في العقائد. خلاف في المشارب. خلاف في المبادئ. خلاف في الأخلاق، تحاقد، تحاسد، تخاذل، نظر إلى السفاسف، لا يكاد يخلو مجلس لهم من ذم الآخرين، يبذل كل جهد الطاقة في رفع شأنه، وتحقير غيره والحط من كرامته، تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم” [5].
فبشهادة رجل أضحى بعد كلامه هذا شيخ الأزهر لم يكن هناك اتفاق في العقائد ولا غيرها، وكل يغني على ليلاه، فلا تعدو تلك الحكاية عن منهج أزهري أن تكون سوى دعاية.
[1] الإحياء الكبير لمعالم المنهج الأزهري المنير، أسامة الأزهري، كلام للبحوث والإعلام-أبو ظبي، 2009م، ص5. [2] الإحياء الكبير لمعالم المنهج الأزهري المنير، أسامة الأزهري، ص5. [3] الإحياء الكبير لمعالم المنهج الأزهري المنير، أسامة الأزهري، ص5. [4] انظر: تاريخ الإصلاح في الأزهر، عبد المتعال الصعيدي، مطبعة الاعتماد بمصر، الطبعة الأولى، ص56. [5] العلم والعلماء ونظام التعليم، محمد بن إبراهيم الأحمدي الظواهري، المطبعة العمومية بطنطا، 1904م، ص61.