نقد كتاب ”اختراق عقل“ (٣)
نعود للرد [الإسلامثالي] على الإلحاد!. على المادية الشرسة!، ماذا نفعل؟
— المادية الملحدة تقر بأن العقل يمكنه أن يدرك حسن الشيء بدون شرع، ولا يحتاج العقل إلى منظومة مثالية تدعي الإيمان كي تخدعه بنفي إدراك الحسن والقبيح.
— يأتي المسيحي المثالي، بأدبيات فجة ليقول بأن كل شيء (الظلم/القتل/السرقة/أكل لحوم البشر) سيصير حلالا مباحا للناس إذا ما أنكروا الدين. لماذا؟ لأن الدين وحده الذي يحسن ويقبح.
مثلًا:
١— سيقول روسو: ”إن لم يكن رب، الفاجر وحده العاقل، والفاضل عبيط“.
٢— ليعيدها أحمد إبراهيم مخترق العقول [بلا إحالة، وبلا ذكر للمرجع، ولنحسن الظن ولا نقول أنها سرقة]، قائلا: ”لولا وجود اليوم الآخر لكان الإلتزام والأخلاق يمكن أن يقال عليه بكل إنصاف إنه سفه وغباء“ [إختراق عقل].
لكن ابن تيمية يؤكد على أن ”الظلم والكذب والفواحش؛ كل ذلك قبيح قبل مجيء الرسول“.
ويعقد أحمد إبراهيم فصلا عنوانه سؤال:
”لماذا نقول أنه لا أخلاق بدون دين؟“ —ليجيب بأنه:
”لا يوجد مبرر لحسن الخلق في اللادينية“ [اختراق عقل، ص٢٨٨]
ليجعل من المبرر العقلي —التحسين العقلي— شيئا تافها لا يستحق الذكر والمناقشة، إنها أشعرية خجولة، تجعل الماديين إضافة لابن تيمية يقهقهون على هذا الجزم الساذج الذي يسقط في حضن الأشعرية مغمض العينين.
ثم يذكر حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“ ليفسره قائلا بأن ”الدين هو المبرر الوحيد لوجود الأخلاق، لأنه بدون دين لا يوجد معنى للإبقاء على الأخلاق” [اختراق عقل، ص٢٨٩].
وبهذا يصير النص ”لأتمم مكارم الأخلاق“ بمعنى ”لأبرر مكارم الأخلاق“. فيصير لفظ الإتمام مرادفا للفظ التبرير، فهذا الكلام يُضم لمفهوم يقول: إن كان هنالك تأويل حداثي للنص، فقد وقفنا على تأويل مثالي للنص، يريد صاحب إختراق عقل أن يقول بأن الأخلاق الفاضلة في الجاهلية جاء الرسول ليعطيها المبرر، لا ليتمها بالتوحيد وما حسُنَ شرعا مع الإقرار على أن لها تبرير عقلي، فما الذي يقوله ابن تيمية؟
”الناس:
١) إذا قالوا العدل حسن والظلم قبيح فهم يعنون بهذا أن العدل محبوب للفطرة يحصل لها بوجوده لذة وفرح نافع لصاحبه ولغير صاحبه يحصل به اللذة والفرح وما تتنعم به النفوس.
٢) وإذا قالوا الظلم قبيح فهم يعنون به أنه ضار لصاحبه ولغير صاحبه وانه بغيض يحصل به الألم والغم“. [الرد على المنطقيين، ابن تيمية، ص٤٢٣].