مشكلة في فلسفة الأخلاق..

هناك صراعات كثيرة تدور في النقاشات الأخلاقية، ويكون مكمن الخلافات النقطة التي ينطلق منها البحث الأخلاقي، لا شك أن الأخلاق لا تبحث بمعزل عن نظرية المعرفة والوجود، لكن هنا سأوضح نقطة أراها مهمة وهي ما النقطة المحددة في البحث؟ اليوم قرأت منشورًا يقول ما حكم إضراب المعتقل عن الطعام، فكان الجواب: الحكم أن يتم الإفراج عنه إن كان مظلومًا!

هذا المنشور نموذجي لتوضيح الفكرة، ما حكم رد الاعتداء عنك؟ الحكم ألا يعتدي عليك أحد، ما حكم مقاومة الاحتلال ألا يحتلك وهكذا.

هذه الإجابات توضح أن هؤلاء يبحثون في الجانب الأخلاق لكل أحد في كل حين، لا تحديد الفعل الأخلاقي بصورة معينة لجهة معينة.

بمعنى لو أن شخصًا هاجمك وأردت الدفاع عن نفسك، أنت لا تقول الحكم أنه يجب ألا يعتدي علي أساسًا، بل تتعامل معه كجهة نفذت فعلها وأنت لا تفترض الخيار الأفضل أنه قد يصحو ضميره فجأة مثلًا أو لسماعه وعظًا أخلاقيًا.

بل تفترض أنه لن يصغي، كونه الأكثر ضمانًا، ما الحكم لدفاعك عن نفسك، أو تتعامل مع ظلم لحق بك، وتبحث عن حكم وسيلة لرفعه أنت هنا لا تقيم أخلاقيات غير منحازة، بل تبحث الأمر من وجهة نظرك أنت، وكأن ما يقع عليك يقع بطريقة آلية هذا لا يبرئ المعتدي من ظلمه لكنه يبحث بصورة الانحياز لك اتجاهه.

أعتقد أن النقاشات التي حصلت قبل فترة عن التحرش كانت بمثل هذه الطريقة، وكان كل واحد يتحدث من نقطة مختلفة نوعًا ما، فمثلًا هناك من يبحث الأمر بصورة فردية بشكل منحاز للفتاة كما لو كان والدها.

ما الحكم الأخلاقي أن تمر فتاة بمفردها في الليل في منطقة منقطعة على الناس وفيها مجموعة متحرشين مثلًا، فيقول يجب ألا تفعل هي، يأتي آخر ويقول هذه تبرئة للمتحرش ويبدأ يأخذ زاوية أخرى للقضية وهي النقاش القانوني الذي سيعاقب المتحرشين لا الضحية.

لو نلاحظ في النقاش الأول يفترض أنه لا سلطة له على المتحرش أصلًا، وهذا لو أبدلناه بأي جنس ستكون النتيجة نفسها، لو في حادث سرقة، ضرب مثلًا سيقال للرجل أو الصبي لا تمر من هذا الطريق.

في حين النقاش الآخر يتكلم عن الجانب القانوني في حال أنه مفعل وله سطوة على هؤلاء، حينها يختلف النقاش ولذا يكون النقاش هنا مضيعة وقت دون تحديد نقطة الانطلاق (فردية/قانونية) إلى آخره.