ورد على كتاب [نظرية ابن تيمية في المعرفة والوجود] اعتراض يقول، بأن ابن تيمية قال بموافقة السمنية لما يتفق عليه العقلاء من كونه لا يوجد إلا ما يقبل الحس، لا أنه يوافق أصلهم في الوجود، فقد كانوا ملحدين.

————— فيقال: أي اشتراك هو المقصود مع العقلاء؟ فابن تيمية قال كلام السمنية في الوجود إنه عليه أهل الإثبات، وأهل الإثبات يتحدثون عن الله واليوم الآخر في نظرتهم للوجود، والسمنية تحدثت عن الدنيا فحسب، فلو كانت النظرة المادية تعني في صميمها الإلحاد لوقع الاعتراض على ابن تيمية في مقاربته حيث إن الوجود الذي تثبته السمنية غير الوجود الذي عليه أهل الإثبات، فما ينفيه الأولون يثبته الآخرون فأي قول حينها يكون هو الذي وافق عليه أهل الإثبات؟!

وهذا يظهر أن العديد من الاعتراضات التي تساق ضد الكتاب لو صدق أصحابها لجعلوها على ابن تيمية، لكنهم يتأولونه ثم يعترضون متى جرى إثبات معنى كلامه.

فما يتحدث عنه ابن تيمية هو تصحيح موقف السمنية من [الوجود] هذا مبحث، وتطبيق هذا المبحث بالتفريع عنه في [الإلهيات] مبحث آخر، ومن باب التقريب وقع في أصول الشافعي أن الأمر يفيد الوجوب ما لم تأتِ قرينة صارفة، ثم إنه جعل الأمر في [كل بيمينك] من باب الندب، وأنه أمر على جهة الأدب، فلا ينقض بهذا التفريع أصله ومن خالفه في هذا يطبق القاعدة الأصولية ويطالبه بالصارف عن الوجوب إلى الندب ونحو هذا، فالأول مبحث [أصولي] والثاني مبحث [فقهي]، ومن لم يفرق بين الأصل والتفريع أبعد النجعة، ومباحث [الإلهيات] فرع عن مباحث [الوجود].