معوقات لتغيير منظومات فكرية
أحسب أن كثيرين ممن لا يزالون يتحجرون على منظومات كلامية قديمة يحكمهم عدة معوقات عن النظر إلى حلول فلسفية أخرى، ويمكن الحديث عن ٣ معوقات أساسية:
١- الخطابات التي حاولت إقناعهم بأن المنتجات العلمية يمكن الأخذ بها بمعزل عن الأسس الفلسفية التي مهدت لها.
وهذا أذكره في كلمات قرأتها مرة لمصطفى محمود صاحب برنامج (العلم والإيمان) حين قال بأن الحضارة الغربية قسمان: قسم علمي، وقسم ثقافي-فكري-فلسفي، ويمكننا الأخذ بالعلمي دون الفلسفي.
ويتجاهل هذا الخطاب أن الغرب لم يكن ليصل إلى ابتكارات علمية لو بقي حبيس الفلسفات القريبة من المنظومات الكلامية، مثل الأكويني.
٢-الخطابات التي مجدت التراث بشكل عام دون اعتبار أن من التراث ما هو مختلط أصلًا بالفلسفات الوافدة المترجمة.
وهذا الخطاب نستطيع أن نجده بشكل كبير في الخطابات القومية، نحن عندنا ابن سينا وابن رشد وابن المبارك! مهلًا لم يكن هذا واحدًا، فابن رشد وابن سينا تأثرا بشكل كبير بالوافد المترجم، وعماده الفلسفة الأرسطية فالشاهد هنا النظرة التمجيدية المبالغ فيها للتراث بأنه كله أصيل كونه عربي اللسان ليس صحيحًا.
٣-النفسية الدفاعية، هذه النفسية تشكلت في إطار الاقتناع بوجود هوية قومية مميزة، وبالتالي ينشأ خوف من تهافت الهوية تمامًا، أي مقاربة مع غيرنا ستصبح استشراقًا، أو مؤامرة قد تعبث في الهوية الإسلامية بشكل عام، علمًا أن المقصود بالهوية قد يكون فيه النقطة ٢، وهو عدم التنبه للأنساق الأجنبية أصلًا في التراث.