بالنسبة لعلم النفس وموقعه في الكتاب.
ورد اعتراض من أحد القراء حول ما ينبني على الكتاب في مجال علم النفس، باعتبار إلغاء عامل الروح مثلًا في علم النفس في المدارس المادية بنظره، وهناك اعتراض حول استعمال مصطلح المادية رغم عدم استعمال ابن تيمية له. ——————————- والجواب:
إن الكتاب قام على الجانب المعنوي الذي نصره ابن تيمية، فلا معنى للقول بأن ابن تيمية لم يقل كلمة مادية ومثالية، والمعنى لهذا كان موجودًا في الفلسفات التي أدركها ابن تيمية، وهكذا تكون الأبحاث الفلسفية ولذا كانت رسالة ماركس للدكتوراه “الفرق في فلسفة الطبيعة بين أبيقور و ديمقريطس” وتلمس البحث عن الجوانب المادية في تلك الفلسفات، وهي أقدم من حركة الترجمة التي أدرك أثرها ابن تيمية، وابن تيمية نفسه من صحح أصل السمنية الذين كانوا ملاحدة كما قرر، وكان نسقهم الانطلوجي ماديًا.
الكتاب يبرز جانبًا مهمًا من النظر التيمي وهو التفريق بين فعل الله ومفعوله، فلما يجري الحديث عن علم النفس فهو في مفعول الله، لا في فعل الله، فلا يمكن الزج بالحديث عن فعل الله وكأن المشاكل النفسية دون أسباب موضوعية تقوم في العالم المفعول لله، فهذا يتسق مع الأشعرية لا الطرح التيمي.
لا أدري ما الذي يخالفه تحديدًا من يرفض المدارس المادية في علم النفس، أي مدرسة تحديدًا، التحليل النفسي-فرويد، علم النفس التطوري، الاجتماعي، إلى آخره لابد من تسميتها، على أن في تلك المدارس جوانب مثالية زجت فيها ولذا كان هناك نقد ماركسي عنيف على النظرية الفرويدية.
علم النفس لابد أن يقوم على منطق البحث العلمي لا افتراض المسبق لإيدلوجيات تريد تفنيد المدارس التي تسميها مادية فقط دون تقديم منهج علمي للتحقق والتفنيد للأسباب المزعومة عند دراسة مرض أو اضطراب.
يظهر من تعليق الأخ عدم تصور بعض ما تم طرحه كاعتباره للروح كأن في إثباتها مخالفة للنسق المادي، وهو ما أثبت الكتاب خلافه، حيث إن الروح وقع النزاع فيها بين المدرستين، ومع ذلك فالأوراق العلمية لا ينبغي لها أن تزج بأسباب حتى ولو كانت تثبتها، دون إثبات تأثيرها بالخصوص في قضية معينة، لا الحديث العام الذي سيكون أقرب للبحث الفلسفي منه إلى تخصص علمي معين كعلم النفس.