مراجعة لكتاب نظرية ابن تيمية في المعرفة والوجود، بقلم: عبد الحميد طمين.

بعد قراءتي لهذا الكتاب (نظرية ابن تيمية في المعرفة والوجود) لمؤلفه: يوسف سمرين.

وقبل تناول موضوعه: ولنضعِ الأمور في نصابها والمهتمين في الصورة؛ فإن هذه الدراسة ليست كتاب عقيدة بالمفهوم الكلاسيكي بل هي كتاب فلسفي بدرجة أولى كامتداد لمشروع ابن تيمية في (الدرء) حتى لا يغلط المرء في التصور فيغلط في القراءة والاستيعاب. إذ البحث يركز رأسا على “المسألة الأساسية في الفلسفة” مسألة ثنائية الوعي/ أم المادة التي يدعو البعض لتجاوزها، حيث يجعل الباحث هذا التهرب نفسه موقعا في الاضطراب اللامنهجي في تناول مباحث المعرفة الذي يظهر من خلال طيات ما يَرقمه هؤلاء.

وتُستشف ”أهداف“ هذه الدراسة من خلال أسس أربعة يمكن أن يقال أنها تشكل بناءها، ويمكن تلخيصها في ما يلي:

١- [تفسير] كلام ابن تيمية في مباحث المعرفة والوجود تفسيرا صحيحا من خلال استقراء كتاباته واستنطاقها بنفسها لا محاكمتها للدخيل عليها.

٢- بيان [علاقة] ابن تيمية بالمدارس الفلسفية المتنوعة، مع الاستعانة بنقده لبعضها لاستخلاص النظرية التي يتماهى معها طرحه.

٣- استنباط نظرية ابن تيمية المعرفية التي تؤسس بعدها إلى استخلاص قواعدها بما “يسمح [بالتنبؤ] بما سيقوله(ابن تيمية) للاستفادة من تراثه في المستجدات” ص٥١٠. فالمعنى: تأسيس أصول مذهب ابن تيمية المُعِينة لاستثمارها في النوازل.

٤- تهدف الدراسة أيضا إلى دراسة [الاتساق] الداخلي للمنهج التيمي بما يحيط بجميع مباحث النظر: المعرفة (شي/ وعي) من خلال أسبقية الشي على الوعي،، والوجود من خلال نظرته إلى الميتافيزيقا من خلال المنهج التلازمي في رصد الحركة الواقعية لا الأرسطية الجامدة ولا الديالكتيكية السائلة. كذا الأسطيقيا بما يؤسس لإمكان الحقيقة من خلال دراسة مبحث التحسين والتقبيح، ودراسة بعض فروع ذلك كنظرته إلى الموسيقى ونحوها.

فكانت الدراسة بهذا لا تدع ثغرة في بناء النظرية التيمية، بما يمكن من الاستفادة منها بعد ذلك في عدة مباحث ومستجدات وفق منظور إسلامي “أصلي” يكون التجديد فيه بمفهوم التراكم اللاتجاوزي لا الدخيل، فيُحصِّل ذا تفاعلا مع الحاضر دون فراغ.

|| هذا وقد تضمنت الدراسة إشارات وإن لم تُسق لها أصالة فإنه بالإمكان تطويرها للخروج ((ببحوث)) تتماهى وقواعد الطرح التيمي مثل:

  • مناقشة الإلحاد بالمفهوم المعرفي الحسي لا المثالي. كمشكلة الشر التي تُحل بقاعدة(الفعل والمفعول) لا نفي التحسين والتقبيح، ومفهوم الزمنية قبل العالم التي تُحل بقاعدة (تسلسل الحوادث) لا نفي الزمنية بما يفضي الى إلحاد هوكينغ، وهلم سحبا واستخلاصا.

  • المسائل المشتركة بين أصول الدين- والفقه وأصوله، بتخليص الأصول من قبضة أرسطو، وتخليص الفقه من قبضة بعض التجريدات غير العملية.

  • بحوث سياسية واجتماعية تناقش اللبرالية في صورة أفكار مابعد الحداثة التي تُلغي إمكان الحقيقة والأفكار الكونية؛ لتحقق نسبية الحقائق والعالمانية الشاملة بمنتجات رأسمالية مخدرة.

كلمة ختام: إن دراسة الكتاب لا يجب أن يُتوقف عندها بل لابد أن تفتح آفاقا كبيرة لبحوث ودراسات إسلامية تجرف تيارات المثالية الالحادية وتحطم أصنام الأرسطية الكلامية وتؤسس لطود إسلامي (أصيل) في جميع مباحث العلوم إذا وجدت من يحسن قراءتها وتوظيفها، فهي بحق دراسة رائدة في مجالها.

فجزى الله صاحبها خيرا على ماقدم.

ودمتم سالمين^^