“( 1 ) من القرن العاشر إلى الثالث عشر لم يظهر في العالم الإسلامي عالم مفكر، ولا أديب نابه، ولا شاعر عظيم ولا مؤلف ذكي، إلا فلتات تعد على الأصابع.. كان الجهل الغليظ يلف كل شيء، وكانت عجمة الدولة ـ كما أشرنا ـ سبباً في تخلف المسلمين دينيا ومدنيا.

( 2 ) انتشرت البدع والخرافات والخيالات السقيمة، وتحول الإسلام إلى رسوم ميتة، وأحاديث واهية أو موضوعة، وكثرت صور الشرك الجلي والخفي والطلسمات والشعوذة، وأعلن التصوف الجاهل على هذا كله إذ أن طرقه دخلت كل مدينة وقرية.

( 3 ) من الناحية المدنية العامة توقف الركب الإسلامي في مكانه، لا يدري وراء حدوده شيئا بينما العالم يفور ويمور بحركات وفلسفات جديدة غيرت نظم الحكم، وكشفت المجهول من القارات، وأخذت رويدا رويدا تعرف الكثير من قوى الكون وأسراره وتستغله فى تجديد حياتها وأسلحتها.

( 4 ) ورث الحكم العثماني جميع سيئات الحكم الفردى فى الدول الإسلامية السابقة وضم إليها جديدا من الجبروت والاستعلاء دون نظر إلى دين أو خلق، وربما قتل السلطان جميع إخوته حتى لا ينازعوه السلطة.

( 5 ) منح السلطان امتيازات أجنبية للطوائف النصرانية المختلفة جعلها دولة داخل الدولة، واستغل الأعداء ذلك أسوأ استغلال إذ تمكنوا بواسطة هذه الرعايا من التجسس، ونشر الفوضى، وإلحاق أبلغ الأذى بالإسلام.

ومع أننا نعيب على العرب تقاعسهم في خدمة الثقافة الإسلامية الصحيحة إبان هذه القرون الهامدة من الحكم التركي، إلا أننا نذكر أن الحركة الوحيدة التي نهض بها العرب لإصلاح العقائد والعبادات ومحو ما شابها من زيغ وانحراف قاومتها الدولة بالسيف حتى أجهزت عليها.. نعني حركة الإصلاح التي قام بها محمد بن عبد الوهاب في جزيرة العرب”

من كتاب: (الدعوة الإسلامية في القرن الحالي، محمد الغزالي، من موقع: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)