حول كتاب المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية.

هذا الكتاب، يبلغ به الهزال إلى الحد الذي يدفع قارئه إلى أن يقول هو أشبه بالهزل منه بالجد، قدم له رائد صلاح، ولك أن تتخيل حينما يتكلم سياسي بشعارات رنانة في شأن يتطلب تحقيقًا لا تلفيقًا، وكنت أريد أن أعلق عليه قديمًا إلا أن إملاله منعني من المواصلة، وهذا شيء مما كتبته في حينها:

حول تقديم رائد صلاح

افتتح رائد صلاح الكتاب بتقديم بعنوان: (فقيه السجون وأدب الخلاف)، صدّره بقوله: “(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا)، وهو القول المأثور الذي صدع به الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه آخذًا على كل ظالم وناصرًا لكل مظلوم…. وسيبقى هذا القول المأثور صرخة في كل المفسدين في الأرض”[1].

وهذا الأثر المروي عن عمر بن الخطاب “إسناده ضعيف”[2]، وانهمك المقدّم بالتفخيم من حال المؤلف، الذي وصفه بأنه “فقيه السجون”[3]، الذي كان “يحصر نفسه وبحثه في حدود المنهج العلمي القائم على تحرّي الدليل”[4]، ولم ينسَ أن يرسل “ألف تحية لفقيه السجون على هذه الجهود المباركة” [5]، مؤكدًا على ما يُكنه “فقيه السجون للعلماء الرموز وحفظه لمكانتهم” [6]، “كالأئمة ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين”[7].

كأنه يكتب لمجموعة من البله الذين لن يقرأوا في الكتاب: “من رموزها [السلفية] المعاصرين الشيخ ابن باز رحمه الله، وكذلك ابن جبرين وابن عثيمين”[8]، أولئك الذين يصفهم بأنهم “الظاهرية الجدد ليسوا في الحقيقة حنابلة”[9]، إنهم “عبارة عن حزب له كل صفات الأحزاب المعاصرة”[10].

إنها “السلفية المعاصرة تراها غافلة عن مقاصد الشرع”[11]، “معترضة على كل من حاول إحياء النص”[12]، فـ"أي فقه هذا"؟[13] ويسأل بتعريض بنفسه: “هل يستوون مع من دفع عمره سنوات وسنوات خلف القضبان، وهم بتعاميهم عن ظلم وفساد الحكام إن لم نقل إضفائهم الشرعية على حكم الظلمة ينالون رغد الحياة [14].

ورغم كل هذا يفترض بالقارئ أن يصدّق بما جاء في التقديم بأن “فقيه السجون” يكن لـ (الأئمة) كابن باز والعثيمين كل مودة، وأنه نسيج وحده في “أدب الخلاف” وإمعانًا في تلطيف الأجواء قال رائد صلاح: “أنا على يقين أن فقيه السجون سيكون حاله مع كل من سينقد كتابه مشيرًا إلى خطأ هنا، أو رأي مرفوض هناك، سيكون حاله كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “رحم الله امرئ أهدى إليّ عيوبي”[15]. وما ذكره عن عمر ضعيف أيضًا، فمقدمة لا يوجد فيها أثر صحيح، وتقدّم كأنها لم تقرأ الكتاب، تشهد بأن الكاتب فقيه السجون! كان الأحرى بها أن تكون فقهت ما تقدم له.

الكتيّب صغير، وهو متهافت في طرحه، غير دقيق في نقولاته وتصويره المسائل.


[1] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، دار النور المبين للنشر والتوزيع، قدم له: رائد صلاح، عمّان-الأردن، الطبعة الأولى: 2018م، ص5. [2] تخريج أحاديث وآثار كتاب في ظلال القرآن، علوي بن عبد القادر السقاف، دار الهجرة للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الثانية: 1416هـ-1996م، ص197. [3] مقدمة رائد صلاح لكتاب: المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، ص5. [4] مقدمة رائد صلاح لكتاب: المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، ص6. [5] مقدمة رائد صلاح لكتاب: المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، ص7. [6] مقدمة رائد صلاح لكتاب: المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، ص6، باختصار. [7] مقدمة رائد صلاح لكتاب: المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، ص6. [8] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، ص11. [9] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، ص13. [10] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، ص13. [11] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، ص17. [12] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، ص17. [13] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، ص22. [14] المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، أشرف نزار حسن، ص20. [15] مقدمة رائد صلاح لكتاب: المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة، ص7.