بين (دار الصحة) ودار (المرض).

بعض التقارير تتحدث عن احتمال انتشار كورونا حتى يصل إلى مستويات عالية، ماذا لو حصل هذا؟ ما شكل تصرفات الناس وأفكارهم وقتها؟ ستختلف مفاهيم الولاء والبراء لتعقد على الصحة والمرض، تضمحل الولاءات الأخرى لهذا، لا معنى لوطن مريض، حدود الأصحاء هي حيثما وجدت الصحة.

ستبرز حلول مقترحة متفاوتة في تطرفها منها إبادة المصابين، أو من تحوم حولهم الشبهات، وستبرز فكرة عزلهم في مناطق معينة، وحتى في هذا الحل الذي يبدو أصوب من ناحية أخلاقية فهو ذو أساس نفعي، أهمها العينات المطلوبة للتجارب عن أي طرق مبتكرة لمكافحة المرض، وجودهم لأهداف علمية في المقام الأول، ولولاه ستكون فكرة إبقائهم ثقيلة على الأصحاء.

لا يريد أي من الأصحاء أن تكون حكومته فيها هذا المرض، لا يريد أحد تجميل صورته، أو التصالح معه، حتى فكرة التعاطف مع المصابين تكون ما داموا لا يشكلون خطرًا، وإلا سيتم لوم الحكومة لماذا تبقيهم في الشوارع!

لا حديث هنا عن (الإنسانية) بل عن مجتمع (الأصحاء) مقابل (المرضى) بين (دار الصحة) و(دار المرض)، وبما أنك في هذا العصر فلن تنظر باستهجان للموضوع، رغم أن المصاب لا يد له في إصابته، سينشأ الحديث عن تحميل المصابين مسؤولية المرض، قلة اكتراثهم، عدم نظافتهم، فساد بلدانهم، طبيعة أكلهم، تنقلاتهم، اختلاطهم إلى آخره.

هذه الصورة التي قد تكون مفهومة ومتفهمة هي تفسها التي كانت فيها البشرية دومًا على أسس مختلفة من ولاء وبراء، على أساس ديني (مؤمن/كافر) عرقي (أبيض/ملوّن)، طبقي (غني/فقير)، حضاري (متمدن/همجي) وهنا على أساس صحي (متعافٍ/مريض) يختلف الأساس الذي يتمحور حوله الحديث، لكن السلوك متقارب إلى حد بعيد.