الليبرالية تتوزع بين (الأزهر) و(الكنيسة) والباقون لهم الله، في خطاب شيخ الأزهر:

عادي جدًا أن تجد شيخ الأزهر يحارب الحداثة، ثم يقول بمقالاتها، ينفي الدولة الثيوقراطية ثم ينادي ببعض محاكم التفتيش! يحدد لنا ما هو الانفتاح الذي يقبله فضيلته ومن معه، وما يرفضه فضيلته ويسميه انغلاقًا! إنه السمك، مع اللبن مع التمر هندي يا سادة.

في (البيان الختامي لمؤتمر الأزهر لتجديد الفكرالإسلامي"، صرح في إعلان يضاهي مبادئ جون ستيوارت مل عن الحرية الليبرالية، بأن قال:

“المواطنة الكاملة حق أصيل لجميع مواطني الدولة الواحدة، فلا فرق بينهم على أساس الدين أو المذهب، أو العرق أو اللون”

يعني يفترض ألا يكون هناك تفريق ديني بين المواطنين، فيترشح غير المسلم للرئاسة عادي، ويعبر كل منهم عن آرائه، مؤمن، غير مؤمن، مسلم، نصراني، وغير ذلك وهكذا، أليس هذا ما يفهمه أي عاقل من كلمات الإمام؟ لكن مهلًا فجأة:

“تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وما يدعيه المتشددون من تحريم هو جمود، وانغلاق، بل افتراء على مقاصد شريعة الإسلام، وهو من باب الفتنة، ومن باب الأذى لغير المسلمين”

لنقل هذه وجهة نظره، ولغيره وجهة نظر أخرى، ويحق قانونيًا له أن يزايد على من يخالفه في الرأي بأنه يراه مفتريًا على مقاصد الشريعة، ولغيره الحق بأن يراه كذلك، أليس هذا مقصد الإمام من حق المواطنين بمواطنة كاملة؟ لا أبدًا، هنا يصرح (مولانا):

“يجب على المسؤولين منع المواد الإعلامية الحاملة لهذا الفكر، والتي تنشط في مناسبات الأعياد المقدسة”

بمعنى يجب أن تتدخل الدولة، فتمنع أي قول يخالف قول فضيلته، هو يراه قولًا خطيرًا، لكنه مجرد قول يعبر عن موقف شخصي، رجل لا يريد تهنئة غيره ما لك وله! فلتبدأ محاكم التفتيش بتتبع كل مادة إعلامية يراها فضيلته فتنة.

حسن لكنه حريص على غير المسلمين، وهذه كلمة واسعة تشمل باقي أرجاء المعمورة، أفهم منك أن المواطن غير المسلم، وغير النصراني، يحق ألا يتم أذاه وجرح مشاعره ولو على صعيد التهنئة، يقول شيخ الأزهر:

“على المجتمعات أن تتنبه للآثار السلبية التي تترتب على دعوة الإلحاد، وإنكار وجود الله، وبلبلة أفكار المؤمنين به”

ماذا!؟ الإلحاد على فكرة قد يكون معتقدَ بعض المواطنين الذين لهم المواطنة الكاملة يا فضيلتك، أنت تمنع من أي مادة إعلامية تمنع التهنئة لغير المسلمين، يعني يفترض أن تسمح مثلًا بتهنئة ملحد على تاريخ ولادة ماركس، على يوم ميلاد دوكنز عادي يفترض أن تتسامح مع غير المسلمين، أم هو لا يوجد إلا الكنيسة في التلميح بحديثك؟ لا يوجد ليبرالية تتسع للمتشددين، ولا الملحدين، لكن تتوزع بين الأزهر وبين الكنيسة؟ ما بك الآن تحرض على قطاع من المواطنين؟ على أساس (ديني)؟؟

إنها ليبرالية بالتفصيل، بالمزاج، المسلم الذي لا يهنئ النصرانية يجب منعه من الوسائل الإعلامية لأن فيه أذى لغير المسلمين، لكن يجب كلنا أن نحارب غير المسلم إذا وصل إلى الإلحاد، ونبث هذا في قنوات رسمية وإعلامية، إنها ليبرالية تتوزع بين (الأزهري) و(الكنيسة) وباقي المواطنين لهم الله!