رد بعد سنة، فما الذي كان! (1)

قبل سنة تقريبًا علقت سريعًا في منشور على كتاب من مؤلفين اثنين ينفي صحة نسبة كتاب (الرد على الجهمية) إلى أحمد بن حنبل، ويزعمان فيه أنه لمقاتل بن سليمان، نقدت هذا وقلت بأن مسلكهما مليء بالأغلاط وذكرت على عجالة بعض الأخطاء التي وقعا فيها، مما يدل على اعتقاد منهما قبل استدلال، ويمكن مراجعة المنشور، ولم أعبأ بشخصهما، ولم أسمهما، ولم أشنع عليهما، فكان الصمت، لمدة سنة، ثم جاء أحدهما وهو “أبو الأمين آل جراح”، وأطل من شرفته الأستاذية، ليكتب مقالًا بعنوان: (نقض مقال يوسف سمرين)، وتحت هذا العنوان:

“أطّلعت قبل سنة تقريبًا على مقالٍ… لشخص اسمه “يوسف سمرين” يرد فيه على كتابنا”، وهذا يدل على أنه يملك قدرة على الاستنباط حيث عرف أن كاتب المقال “شخص”، مما يدفع إلى التشويق لقراءة ما بعده، المهم يصف المقال قائلًا: “فلما قرأته رايته مقالأ هزيلًا ليس فيه مناقشة علمية، بل كان مقالًا إنشائيًا لا يحاكي واقع كتابنا بطريقته العلمية”، وهي الوصفة السحرية التي تنسف بها خصومك: (ما كتبته أنا علمي، ما كتبه هو غير علمي)، إنه لمسلك صعب جدًا على أي أحد، لذا يفترض بالقارئ أن يقول: نعم! لقد أصاب، ألم يقل بأن كتابه علمي، وغيره ليس علميًا، أجل لقد فعلها!

لكن يمكن أن يكون بين الجموع من يملك عقلًا فيقول: ما تقوله يفترض أن يكون نتيجة لا مقدمة، لكن لنتجاوز الغزل بالنفس هذا، فآثار سرعة بديهته لا زالت قادمة، يكمل قائلًا: “وإنما حاول الكاتب أنقاذ الموقف ليس إلا! بسبب انتشار الكتاب بين طلبة العلم” ما علاقة هذا بانتشاره؟ يمكن لأي كتاب أن ينتشر بالمناسبة، هناك كتاب منتشر-من باب العلم بالشيء-اسمه (تاريخ الأرداف) لجان ليك هينيج، مترجم إلى غير لغته، دومًا يمكن أن تنتشر حقيقة، ويمكن أن تنتشر مزحة طريفة، وغالبًا ما يكون الاشتهار للثاني.

لكن عفوًا بعيدًا عن المزاح، هو قيّد كلامه بطلبة العلم، الرجل يشهد لهم بهذا، المهم بسبب أن المقال هزيل جدًا بنظره، كتب: “ولذا لم نلتفت له ولم نشتغل به ردًا ومناقشة”، لكن بعد سنة، “عاود بعض الطلبة نشر بعض المقالات”، وطلب منه “الطلبة” الرد على مقال سمرين، الذي كان بنظره أضعف المقالات، فاضطر أن يرد بعد سنة، “لكي لا ينخدع به طالب علم ممن ليس له تمييز وبصر”، لا أعرف الرجل حقيقة، لكن ارتسمت في ذهني صورة ستيفن هوكنج وكرسيه المتحرك، لكن هنا بدل جهاز مايكروسفت هناك شيء اسمه (طلبة علم) يفعلون عنه كل شيء ولا أعرف السبب، فـ “طلبة العلم” يطلعونه على مقال، ثم “طلبة العلم” ينتشر كتابه بينهم، ثم “طلبة العلم” ينشرون مقالات، وهم يطلبون منه أن يرد، وهو يخشى عليهم أن يضلوا من مقال هزيل جدًا، يفتقد أدنى متطلبات العلمية، كله إنشاء وخطابة، ولأن طلبة العلم قد لا يميزون، حتى في المقالات السخيفة جدًا فهذا يظهر أي طلبة هؤلاء الذين حوله! وأتمنى أن يقرأ مقالي ولا يكون أحد “طلبة العلم” قام بقطع الاتصال عنه بالشبكة.

يتبع…