قبل فترة رأيت مقطعًا منتشرًا على أنه فائدة يقول فيه صاحبه: من سوء الأدب أن بعض المفسرين يقول مثلًا عن قوله تعالى: (قل هو الله أحد) قل: أي يا محمد، لأنه ورد النهي (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا) فلابد أن يقول: قل يا نبي الله لا يا محمد!

وهذه ليست بفائدة، بل بعض ما صورته الفوائد ما هو إلا أوابد، لم يقل صاحب المقطع أن شيخ المفسرين الطبري كتابه مليء بمثل هذا فهل كان الطبري وأمثاله يسيؤون إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟! بعض القواعد التي يستنبطها العديد من المعاصرين لا يستحضرون فيها قرب منالها وبعد غيابها عن ذهن الأوائل، فلما لم يراعها الأولون علم أنها ليست بقاعدة ولا فائدة، لكنهم يغامرون بثقة لبيان كل ما انقدح في أذهانهم دون إدارته على جادة النظر. أما قول من قال يا محمد فهو حكاية عن الله، والنهي في الآية عن دعاء الرسول من دونه من الناس (دعاء الرسول بينكم)، لا من رب الناس! لذا فإن المفسر يذكره على وجه الحكاية المقدرة في الكلام، كما في قول حسان بن ثابت الشهير [وهو في صحيح مسلم]: وقال الله: قد أرسلت عبدًا***يقول الحق ليس به خفاء مع أنه لا يصح أن يناديه واحد من الناس أيها العبد! لما يوهم من التنقص، أما أن يحكيه الناس عن الله هذا فلا إشكال فيه، كذلك أن يحكي المفسر في تقدير النداء أنه يناديه باسمه ونحو ذلك.