الإلحاد والموت..
كما يوجد في المنتسبين للأديان خائنون لقضايا الأديان لحساب انتهازيتهم، فالأمر كذلك في الإلحاد، لذا لا يجري الحديث هنا عن ملحد يحب الدين، ولا مؤمن متصالح مع الإلحاد، بل عن المتسقين مع أنفسهم.
يمكن القول بأن الماركسية شكلت أعلى صورة للإلحاد الفلسفي المنظّم، وبحث مفكروها جوانب قد لا تكون في تفكير غيرهم من اللادينين، بحكم طبيعة فلسفتهم العملية، وممارستهم السياسية والاجتماعية الطويلة، أقاموا دولة نظّموا مجتمعات، بخلاف ملحد اختنق بعدميته ومات!
وبقيت الماركسية تلاحق التدين في كل حين، في الأدب، في لغة الشارع، في الطقوس والمناسبات، وحتى الأيقونات والإيماءات، ومن بين الجوانب التي اهتموا بها التعامل مع الموت، هنا كان تروتسكي متخوفًا من السلوك الذي يجري عند القبر، أو عند سماع خبر وفاة صديق ملحد، كان هذا أخطر ما يمكن أن يحيي البذور الدينية بنظره، فالحديث عن السلام (لروحه) سيفتح الأبواب للنقاش الغيبي عن الروح ومصيرها.
عن تمني السكينة والرحمة له، والذي سيعيد الحديث عن الجنان، والعالم الآخر والبعث ونحو ذلك لذا قال لابد من ابتكار مسرح (غير عقلي) من باب أخف الأضرار، كمنافس للدين، من هنا كانت كل الإيماءات غير المفهومة، مثلًا جنازة عسكرية، تنكيس العلم، إطلاق عدد معيّن من العيارات النارية، خطبة حماسية عن خلود الفكرة بعده، ونحو ذلك.
فكرة المسرح هذه المنافسة للدين، كان نيتشه من قبل يطرحها، حيث يرى بأن الفن يمكن أن يزاحم الدين، وبالتالي فالموسيقى بدل التراتيل، الأعلام بدل الرموز الدينية، وهكذا.
من باب تغشيش الملحد العربي، الذي أول ما يموت له صديق يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون!