محمد عبد الواحد المتحنبل وهو يخاصم المذهب الذي ينتسب إليه! (١)

تبجح محمد عبد الواحد بمسألة كتاب لابن تيمية شهد عليه غير واحد، وفيه أن القرآن ليس بحرف وصوت وقال بأن ابن تيمية لم يكن مكرهًا.

لنأخذ خلفية تاريخية حتى يتضح جهل هذا الرجل، وتدليسه على الناس، نرجع إلى فترة العز بن عبد السلام الشافعي الأشعري، قبل ابن تيمية، فقد حصلت له واقعة مع الملك “الأشرف مُوسَى بن الْملك الْعَادِل بن أَيُّوب” بدمشق قبل ذهاب العز إلى الديار المصرية.

المهم هذا الملك كان قد نشأ صغيرًا بين الحنابلة يقول السبكي في تأثيرهم عليه: “وقرروا فِي ذهن السُّلْطَان الْأَشْرَف أَن الَّذِي هم عَلَيْهِ اعْتِقَاد السّلف وَأَنه اعْتِقَاد أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ وفضلاء أَصْحَابه وَاخْتَلَطَ هَذَا بِلَحْم السُّلْطَان وَدَمه وَصَارَ يعْتَقد أَن مُخَالف ذَلِك كَافِر حَلَال الدَّم فَلَمَّا أَخذ السُّلْطَان فِي الْميل إِلَى الشَّيْخ عز الدّين دست هَذِه الطَّائِفَة إِلَيْهِ وَقَالُوا إِنَّه أشعري العقيدة يخطىء من يعْتَقد الْحَرْف وَالصَّوْت ويبدعه”

المهم أرسل يستفتي العز ليعرف قوله، فأجاب العز بأن الله: “مُتَكَلم بِكَلَام قديم أزلي لَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت” ووصف من خالف في هذا بالحشوية “فَلَا أَكثر الله فِي الْمُسلمين من أهل الْبدع والأهواء والإضلال والإغواء” متسقًا مع أشعريته. وامتعض من ظهور تلك المقالة الحنبلية فقال: “وبدعة الحشوية كامنة خُفْيَة لَا يتمكنون من المجاهرة بهَا بل يدسونها إِلَى جهلة الْعَوام وَقد جهروا بهَا فِي هَذَا الأوان فنسأل الله تَعَالَى أَن يعجل بإخمالها كعادته وَيَقْضِي بإذلالها على مَا سبق من سنته”.

المهم أنهم “أوصلوا الْفتيا إِلَى الْملك الْأَشْرَف رَحمَه الله فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا استشاط غضبًا وَقَالَ صَحَّ عِنْدِي مَا قَالُوهُ عَنهُ وَهَذَا رجل كُنَّا نعتقد أَنه متوحد فِي زَمَانه فِي الْعلم وَالدّين فَظهر بعد الاختبار أَنه من الْفجار لَا بل من الْكفَّار”

المهم بعد أخذ ورد، حكم عليه السلطان بإنفاذ “ثَلَاثَة شُرُوط أَحدهَا أَنه لَا يُفْتى وَالثَّانيَِة أَنه لَا يجْتَمع بِأحد وَالثَّالِثَة أَنه يلْزم بَيته” وافق عليها العز تمامًا وقال: “هَذِه الشُّرُوط من نعم الله الجزيلة عَليّ الْمُوجبَة للشكر لله تَعَالَى”

يقول السبكي: “وَكَانَت الْحَنَابِلَة قد استنصروا على أهل السّنة وعلت كلمتهم بِحَيْثُ إِنَّهُم صَارُوا إِذا خلوا بهم فِي الْمَوَاضِع الخالية يسبونهم ويضربونهم ويذمونهم”

لاحظ قوله الحنابلة، فالحكاية كانت شرسة بين الحنابلة والأشعرية قبل ابن تيمية.

يقول السبكي: “وَلم يزل الْأَمر مستمرا على ذَلِك إِلَى أَن اتّفق وُصُول السُّلْطَان الْملك الْكَامِل رَحمَه الله إِلَى دمشق من الديار المصرية وَكَانَ اعْتِقَاده صَحِيحا وَهُوَ من المتعصبين لأهل الْحق قَائِل بقول الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله فِي الِاعْتِقَاد”

فلما وصل الدعم الأشعري قال الملك الكامل: “الطَّرِيق أَن تمكن أهل السّنة من أَن يلحنوا بحججهم وَأَن يظهروا دين الله وَأَن تشنق من هَؤُلَاءِ المبتدعة عشْرين نفسا ليرتدع غَيرهم وَأَن تمكن الْمُوَحِّدين من إرشاد الْمُسلمين” وضعف موقف الملك الأشرف فساير الكامل، “فَعِنْدَ ذَلِك ذلت رِقَاب المبتدعة”.

يتبع …