حوار غريب حول إثبات وجود الله😂
يحكي محمد العزب موسى في كتابه (طرائف من الصحافة) [١]، القصة التالية:
أحد الصحفيين كان يملك مجلة أسبوعية، عرفت بالقسوة والشدة وكان يخشاها الناس، وقرر أن يخرج مع مجموعة من رفاقه في الإسكندرية، مع أنهم لا يملكون الكثير من المال، وجلسوا في بار معروف آخذين بشرب صنوف الخمر، غير متقيدين بسقفهم المالي.
ووقع نظرهم على أديب شهير صاحب ثروة يجلس مع أصدقائه من رجال الأعمال، وكان الأديب الثري شغوفًا بنظرية داروين وأصل الأنواع وكان حريصًا على إثبات فكرة عدم الإله.
فاتجه الصحفي المتواضع إلى الأديب الثري وهمس في أذنه بأنه وأصحابه جلسوا وشربوا الخمور حتى زاد شرابهم عما في جيوبهم من مال، وأنهم لما رأوه اعتبروه إغاثة ورحمة لهم، فامتعض الأديب ورفض مساعدتهم، وقال: إنهم لو تعشوا لقال: هذا طعام، وساعدهم، أما أنهم يسكرون وهم جياع، فلن يساعدهم.
فأخرج الصحفي ورقًا وقلمًا وبدأ يكتب، فقال الأديب: أكتب ما تشاء واطعن بعرضي وشرفي في صحيفتك فلا يعنيني الأمر، فرد الصحفي: أنت أهون عليّ من الطعن في شخصك، لكني سأكتب في أخطر موضوع؛ أريد أن أرد عليك سخافاتك، أن أثبت وجود الله بطرق علمية حديثة!
وهنا أمسك الأديب القلم وأخرج محفظته ودفع عشرين جنيهًا، على ألا يكتب في الموضوع فانفرجت الأزمة.
على أن الصحفي لم يبلع هذا الموقف للأديب، وكان يعمل محررًا لإحدى المجلات الشهرية تدفع إليه المقالات التي تصلها؛ لتصحيح ما قد يكون فيها من أغلاط لغوية، وكان الأديب يؤثرها بمقالاته، وقد دفعوا إلى الصحفي مقالًا للأديب مفاده أن الله غير موجود، وأن الكون حدث بنفسه.
فوجدها فرصة للانتقام، فصحح المقال ثم أضاف في نهايته لفظتين لا أكثر، جعل بهما المجلة محل سخرية وبعثر بهما غرض الأديب، أما اللفظتان فهما: “والله أعلم”!
مما جعل الأديب يترك عمله في الإسكندرية وهي مقره، ووصل إلى القاهرة ليناقش صاحب الدسيسة فلمّا عرف الأمر ذهل وبعبارة موسى: “أسقط في جميع أعضاء بدنه لا في يده وظل يضرب كفًا بكف، ولكن الأمر كان قد انتهى، ولله الأمر من قبل ومن بعد”.
[١] طرائف من الصحافة، محمد العزب موسى، دار المعارف للطباعة والنشر بمصر، ١٩٤٧م، ص٩٤-٩٧.