ما خلف المصطلحات…

الفلسفة تختلف عن الأدب الذي يحتل فيه الأسلوب والبيان البلاغي حيزًا كبيرًا في تقييمه، لكن الفلسفة تهتم بالمعنى وليس أي معنى بل المعقول منه، وفي شق التحليل تحلل الخطابات بمراميها البعيدة، التي كانت محورية في الخطاب، وعدم ظهورها بشكل بيّن قد يكون لشدة استحضارها عند المتكلم.

الخطابات المتنوعة للسياسيين غالبًا ما تكون لتسكين الشارع، لا لتفهيمه ما يجري، وإلغاء الدوبلماسية السرية ليس واردًا حين يجري التعامل مع الشعوب على أنها آذان.

قد يجري الحديث بلغة قانونية، أو حقوقية، أو دينية لقطاعات تسعى لمصالح معينة وتكون الخطابات مجرد صورة تعبيرية عن تلك المصالح الكامنة في بنية الجماعة، أو الحزب أو الدولة.

على سبيل المثال تجد حزبًا ليبراليًا يؤكد على (الحرية للجميع) حتى ولو كانت أخلاقياتها تتعارض مع المجتمع، هذه الحرية المعلنة ليست سوى حرية التملك لأدوات الإنتاج، الارتباط بالأسواق الخارجية، وعدم التفريق الديني أو السياسي هي لغة التاجر ليقول: (لا يهمني ما يعتقده الزبون، بل ما يملكه).

في حين قد تجد جماعة دينية تعلن أن زعيمها هو قائد المؤمنين بدينه، وأنه قام بمكرمة للفقراء، وأن الواجب على كل المتدينين طاعته، ونحو هذا فهذا قد يعيدنا إلى مفهاهيم سياسية ترتبط بالأنظمة الإقطاعية، حاكم لا حدود لسلطته، يتكرم علينا بلحظة من ورعه دون ضمانة ما يمكن أن يحدث في حال خفوت ورعه، أو لو ركّب ورعه على إبادة قطاع من الشعب، لأي أسباب كانت.

عشرات الخطابات ومحاولات التوظيف للأشياء، بكلمات قد لا تكون مفهومة مثلًا أباد ستالين المعارضين تحد شعارات (التنقية الثورية)، تحمل أشد الفظائع عناوين خالية من لغة الدماء غالبًا، عسكرة المجتمع مثلًا ممكن، هذا الجانب يمكن أن يكون قمعيًا لعناصر جماعة تحت مفهوم (التربية) بحيث يتم تعنيف بعض الأعضاء بحجة مخالفتهم للتربية السليمة ويكون الأمر في إطار المحتمل نوعًا ما، ما لم يكونوا سلطة سياسية التي قد تبيد المعارض بحجة وقوعه فيما يخالف التربية.

من هنا كان التفكير في الأحزاب بوجود لوائح دقيقة تحدد متى يمكن فصل عضو، أو إخضاعه لتأديب معين، فما دامت الأمور عامة يمكن الزج في المصطلح أي محتوى، يشمل حتى النقد العادي، أو النقاش في قرار عادي.