كتاب المنة شرح اعتقاد أهل السنة/ياسر برهامي (4).
قال: “تقديم النقل على العقل: من مقتضيات طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، تقديم الحديث الصحيح إذا خالفه، ونعني بذلك تقديم النقل على العقل، وهذه المسألة من أصول أهل السنة” [1].
فيقال: هذه ليست من أصول أهل السنة، وهي مصادمة لمنهج ابن تيمية تمامًا، الذي يقول:
“لا يجوز أن يتعارض دليلان قطعيان، سواء كانا عقليين أو سمعيين، أو كان أحدهما عقليًا والآخر سمعيًا إنها متوافقة، متناصرة، متعاضدة، فالعقل يدل على صحة السمع، والسمع يبين صحة العقل، ومن سلك أحدهما أفضى به إلى الآخر” [2]، ولاحظ هذا القول: من سلك أحدهما أفضى به إلى الآخر.
وعدم التعارض هذا في القطعيات العقلية والشرعية، أما في الظنيات، أو ظني وقطعي، فيقول ابن تيمية:
“وإما أن يريد به الظنيين، فالمقدّم هو الراجح مطلقًا، وإما أن يريد به ما أحدهما قطعي، فالقطعي هو المقدّم مطلقًا، وإذا قدّر أن العقلي هو القطعي، كان تقديمه لكونه قطعيًا، لا لكونه عقليًا” [3].
أي إن تعارض ظني عقلي، وظني نقلي، يقدم الراجح منهما مطلقًا، لا باعتباره نقليًا أو عقليًا، بل بقوة الظن الذي يورثه، وقد يكون المعارض عقليًا فيقدّم لقطعيته لا لمصدره، فأين هذا من حكاية تقديم النقل على العقل، وأين هذا العنوان، من عنوان واحد من أهم كتب ابن تيمية (درء تعارض العقل والنقل)
مودتي.
[1] المنة شرح اعتقاد أهل السنة، ياسر برهامي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، الطبعة الثانية: 1431هـ-2010م، ص398. [2] مجموع فتاوى أحمد بن تيمية، ج6، ص245، باختصار. [3] درء تعارض العقل والنقل، ج1، ص86، 87.