كتاب المنة شرح اعتقاد أهل السنة/ياسر برهامي (3).
قال فيه:
“القرآن كلام الله حقيقة، هذه الكلمات، وهذه الحروف، وهذه الألفاظ العربية تكلم الله بها، وكلامه غير مخلوق، لأن كلامه صفة من صفاته، ومعنى غير مخلوق: أي لم يكن معدومًا ثم وجد” [1].
لاحظ قوله: (غير مخلوق: أي لم يكن معدومًا ثم وجد) أي هو أزلي.
هذا الكلام قد اشتد نكير ابن تيمية عليه جدًا، بل وغيره من عامة العقلاء، فالقرآن كلام، ولنأخذ مثلًا بسم الله الرحمن الرحيم، لا يمكن أن تقال: دون أن يكون للباء بداية ونهاية، وانتقال إلى السين، ثم إلى الميم، أما أن يقول المتكلم بأن السين أزلية، لم تكن معدومة ثم وجدت وهي أصلًا إنما حدثت بعد الباء فهذه مكابرة كما قال الغزالي.
يقول ابن تيمية: “عامة العقلاء على أن الأزلي لا يكون مرادًا مقدورًا، ولا أعلم نزاعًا بين النظار أن ما كان من صفات الرب أزليًا لازمًا لذاته لا يتأخر منه شيء، لا يجوز أن يكون مرادًا مقدورًا… لهذا كان الذين يعتقدون أن القرآن قديم لازم لذات الله متفقين أنه لم يتكلم بمشيئته وقدرته… بخلاف أئمة السلف الذين قالوا: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته” [2].
لذا فإن “أحمد وأمثاله، والبخاري وأمثاله، وابن المبارك وأمثاله، وابن خزيمة، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن أبي شيبة وغيرهم، متفقون على أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، ولم يقل أحد منهم أن القرآن قديم، وأول من اشتهر عنه ذلك هو ابن كلاب” [3].
[1] المنة شرح اعتقاد أهل السنة، ياسر برهامي، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية، الطبعة الثانية: 1431هـ-2010م، ص34. [2] منهاج السنة النبوية، أحمد بن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، ج1، ص165-166. [3] مجموع الفتاوى، ج5، ص533.