بين الرازي وإبيقور ٢
تحمس الرازي للدفاع عن التنجيم، فرد على من قال بأنه يخالف القرآن بقوله:
“تمسكوا بآيات من كتاب الله تعالى وزعموا أنها تدل على فساد هذا العلم منها قوله تعالى: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام) ونظم الآية يدل على أن العلم بهذه الأشياء لا يحصل إلا لله تعالى، فالقول بأن المنجّم يطلع على هذه الأشياء يخالف هذه الآية، ومنها (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول) الجواب عن الكل أنّا نقول: الحاصل عند المنجّم من صناعة الأحكام ليس هو العلم بل الظن قد يخطئ ويصيب وعند ذلك لا تكون الآيات دافعة لما قلنا” [١]
فحاصل ما قاله أنه يراه طريقًا اجتهاديًا للتنبؤ بالأحكام المستقبلية، قد تصيب وقد تخطئ، تبعًا لدراسة حركة الكواكب التي اعتبرها عللًا للوقائع الأرضية.
في حين كان موقف إبيقور حاسمًا ضد التنجيم وهو يقول:
“موقف كله جنون وسفاهة، ألا هو موقف أولئك الذين يتحمّسون لعلم التنجيم العقيم، ويتصورون عللًا لا معنى لها” [٢]
———————————— [١] سر المكتوم في أسرار النجوم، الفخر الرازي، المطبع الحجريه- مصر، ١٩١٦م، ص٢٩. [٢] أبيقور الرسائل والحِكَم، دراسة وترجمة: جلال الدين سعيد، الدار العربية للكتاب، ٢٠٠.