الخمس والمهدي عند الشيعة الاثني عشرية..
يعتقد الإمامية بضرورة وجود إمام معصوم، هو الذي يضمن منع الاختلاف، ويجب الإيمان به، بل هو من أركان الإيمان، ومع خلافات على تعيين الإمام انقسموا إلى فرق كثيرة بعد حسن العسكري، كونه لم يكن له ولد يعرفه الناس، لكن التنازل عن المقالة بضرورة وجود إمام معصوم في السلسلة لم يكن واردًا عند متكلميهم وفقهائهم فقيل بأن الحسن العسكري خلف ولدًا يسمى محمد وهو المهدي.
ويحاول محمد الصدر عرض تصوره لذلك الإمام المفترض في كتابه (تاريخ الغيبة الصغرى) بأن هناك جارية كان اسمه (نرجس) ويسلّم أن الميراث وزع دون اعتبار ولد للحسن العسكري بعد موته، لكن هذا لا يعني أنه لم يكن له ولد بنظره، بل كان له ولد، أنجبه بطريقة خارقة للعادة.
تلك الطريقة تقول بأن نرجس حملت وأنجبت في يوم، والغلام نما بسرعة خارقة فولد بحدود ٥ سنوات، وكبر في الأسبوع عن سنة وهكذا، وهذا الإمام الذي يفترض أن يحسم الخلافات بين المسلمين كان مطاردًا بنظرهم من السلطة العباسية وبالتالي لم يكونوا يصرحون باسمه بل يعبرون عنه بأنه (القائم من آل محمد).
وفي غمرة غيبته عن الظهور للناس تحدث باسمه من اصطلح عليه بأنه سفير عنه، شخص غير معصوم، يقول إن المهدي تواصل معه وأخبره بكذا وكذا، وكان التواصل أيضًا بطريقة خارقة للعادة، فبعضهم كان يتواصل معه وهو أي السفير في السجن.
تكاثر المدعون للسفارة، وتم حسم الأمر بالاقتصار على الرابع منهم والقول بأن كل مدع لها بعد الرابع هو كذاب، وبالرابع انتهى عهد الغيبة الصغرى، من هؤلاء غير المعتمدين الذين ادعوها كان حسين بن منصور الحلاج الصوفي الشهير ولذا هاجمه الإمامية بشدة.
اللافت في الأمر أن عهد السفراء هذا لم يكن فيه ما يخرج عنه تصريح لافت عن المهدي بخصوص الوقائع الكبيرة، على سبيل المثال لم يحصل أي استنكار باسمه لاقتحام القرامطة مكة وقتل الحجيج!
واللافت أيضًا أنه لم ينقل عنه أي حل لطريقة تقديم الخمس، الذي يوجبون تقديمه للإمام، ماذا سيفعلون بالخمس الذي يفترض أن يسلّم للإمام المعصوم ليتصرف فيه، يطلعنا شيخ الطائفة الطوسي في كتابه (النهاية في مجرد الفقه والفتاوى) أنه لا يوجد نص معيّن عند الاثني عشرية في هذا!
لذا اختلفوا على ثلاثة أقوال:
١-دفن الخمس في الأرض، لأنه عندما يخرج آخر الزمان ستخرج الأرض كنوزها وبالتالي يأخذ هو الأخماس التي تعاقبت القرون على دفنها.
٢- الوكالة بأن يوصي به إلى رجل يثق به وبأمانته، فيحفظه له، ثم قبل موته يوصي به إلى من بعده حتى تصل الأموال إلى آخر شخص يدرك المهدي.
٣-أنه يجري مجرى المتاجر والمناكح في زمن الغيبة، ونقل المفيد أيضًا إمكانية تفريقها على الفقراء استحبابًا وهو قول لم يرجحه.
وليس في الأقوال دفعها إلى المرجعيات الدينية، أو مؤسسات تنفق بها على نفسها، أو دول تتقوى به، ويبرز هنا السؤال الأهم ما هي فائدة أقوال المهدي الذي له من العمر قرون الآن على فرض صحة ما قالوه، وهو لم يحل مشكلة الخمس بعده بنص يحسم الخلاف فيها، ويمنع استغلال هذا المال أو تضييعه بدفنه مثلًا.